فيكون حاله حال الاضطرار إلى المعين بعد العلم بحدوث التكليف.
وفيه : اولا : ان ما يختاره ليس مصداقا للمضطر إليه حتى يكون الترخيص الثابت بدليل الاضطرار ترخيصا واقعيا ، فينافي الحرمة ، فالحرمة ثابتة على كل حال ، وإنما يكون الترخيص ظاهريا موجبا للتوسط في التنجيز.
وثانيا : انه لو سلمنا ذلك ، فلازمه عدم وجوب الاجتناب عن الآخر ، إذ ما يختاره اولا لو كان هو الذي اصابه النجاسة لم يحدث فيه التكليف من الأول لا انه حدث وارتفع بالاختيار. وذلك لعدم معقولية مثل هذا التكليف وكونه لغوا ، إذ التحريم إنما يكون لأجل ان يكون زاجرا عن الاختيار ، فجعل الحرمة وتعلقها بفعل ، ترتفع عند اختيار الفعل وصيرورته مباحا لغو.
وبعبارة أخرى : الحرمة إنما تكون لأجل ان تصير زاجرة عن الاختيار ، فصيرورته الفعل مباحا حينه يوجب لغوية جعل تلك الحرمة.
فلو كان في الطرف المختار لم يحدث التكليف من الأول فيكون التكليف في الطرف الآخر ، مشكوك الحدوث ، فيجري فيه الأصل فيكون كلام المستشكل متينا.
الثالث : ما هو الحق ، وهو التوسط في التنجيز ، فالمدعى ثبوت التكليف على كل تقدير ، وتنجيزه على تقدير دون آخر ، وهو يبتنى على بيان مقدمات.
المقدمة الأولى : ان الترخيص أعم من الظاهرى والواقعي ، كالحكم الالزامي ، قد يتعلق بصرف وجود الطبيعة ، المنطبق على أول الوجودات ، وقد يتعلق بجميع الوجودات ، والاباحة الواقعية المتعلقة بجميع الوجودات ظاهرة ،