إذا عرفت هاتين المقدمتين فاعلم ان الاستصحاب :
في الصورة الأولى يجري لو لا المعارضة وهو واضح.
واما الصورة الثانية : فقد حكم المحقق الخراساني (١) بعدم جريانه فيها مستدلا بعدم اليقين السابق فيه ونظره الشريف إلى ان الموضوع وجد ، اما متصفا بالوصف ، أو بعدمه ، وكما لا يقين سابق بوجوده لا يقين بعدمه.
ووافقه في ذلك المحقق النائيني (ره) (٢) وما يظهر من كلماته في وجه هذه الدعوى : ان العرض وجوده ناعتي لمحله وعدمه كذلك واستصحاب العدم النعتي ، لا يجري لعدم الحالة السابقة له واستصحاب العدم المحمولي يجري ، ولكن لا يثبت به العدم النعتى إلا على القول بالاصل المثبت.
وفيه أولا : ما تقدم في المقدمة الأولى ، من ان الموضوع المركب من المعروض والعرض ، وان كان لازمه دخل الاتصاف فيه ، وكونه ناعتيا ، إلا ان المركب من المعروض ، وعدم العرض ليس كذلك فراجع ما بيناه.
وثانيا : ان المفروض في المقام ترتب الاثر على المعروض مع عرضه ، وفي نفى الحكم يكفي نفى موضوع الاثر ، وهو يتحقق بسلب الربط ، ولو بسلب موضوعه ، فاستصحاب عدم الرابط يجري.
وان شئت قلت ان نقيض الوجود الرابط ، عدم الرابط ، لا العدم الرابط
__________________
(١) كفاية الأصول ٤٢١.
(٢) أجود التقريرات ج ٢ ص ٢٩٦ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٣ ص ٥٠٥ ـ ٥٠٦ في تتميم بحث دوران الواجب بين الاقل والاكثر.