فحيث ان موارد تلك النصوص من قبيل الشبهة المحصورة فالتعدي عنها ، واثبات لزوم الاحتياط في الأطراف الشبهة غير المحصورة ، يحتاج إلى دليل آخر مفقود ، وعرفت ان القواعد تقتضي عدم لزوم الاجتناب.
فالأظهر عدم وجوب الموافقة القطعية في الشبهة غير المحصورة كما هو المشهور بين الأصحاب بل المجمع عليه كما قيل.
واما الثاني : وهو انه هل يحرم المخالفة القطعية ، أم لا؟
فملخص القول فيه ، ان الأدلة المتقدمة لا تدل على عدم الحرمة ، ولكن يمكن ان يستدل له بأن أطراف الشبهة إذا كانت كثيرة بحد كان احتمال انطباق المعلوم بالإجمال على كل طرف احتمالا موهوما ، بالنحو الذي عرفته لا يكون مثل هذا العلم بيانا عند العقلاء ، وعليه فهو في حكم العدم فلا يحرم المخالفة القطعية.
ومما ذكرناه يظهر انه في الشبهة غير المحصورة يسقط حكم الشك عن كل واحد من الأطراف أيضاً ، بحيث يكون الشك في كل واحد منها كلا شك ، فلو كان حكم الشك في نفسه لزوم الاحتياط ، كما في الأموال والدماء والفروج حيث لا يجوز على المشهور الاقتحام في الشبهات البدوية في هذه الأبواب الثلاثة ، لا يترتب على الشك في أطراف الشبهة غير المحصورة.
وعلى هذا بنينا على جواز الوضوء من الأواني غير المحصورة عند العلم الإجمالي بإضافة أحدها ، مع انه لا يجوز التوضؤ بما يشك في انه مضاف أو مطلق ، لعدم إحراز الشرط في صحة الوضوء من إطلاق الماء.