بدعوى ان هجر الشيء لا يتحقق إلا مع الاجتناب عن الملاقي.
وفيه : انه لا يدل الكريمة على نجاسة الملاقى ، فضلا عن كونها بالنحو الأول.
الوجه الثاني : ان اهل العرف يفهمون من حكم الشارع بالنجاسة ذلك ، وهو كما ترى وستعرف ما فيه.
الوجه الثالث : خبر جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ : أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي خَابِيَةٍ فِيهَا سَمْنٌ أَوْ زَيْتٌ فَمَا تَرَى فِي أَكْلِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَا تَأْكُلْهُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ الفأرة أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أَتْرُكَ طَعَامِي مِنْ أَجْلِهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّكَ لَمْ تَسْتَخِفَّ بِالفأرة وَإِنَّمَا اسْتَخْفَفْتَ بِدِينِكَ إِنَّ اللهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (١).
بتقريب انه (ع) جعل عدم الاجتناب عن الطعام الملاقِى للفأرة استخفافا بتحريم الميتة ، فلو لم يكن حرمة الملاقِى ووجوب الاجتناب عنه من شئون وجوب الاجتناب عن الملاقَى ، لما صح جعله استخفافا بالميتة.
وأجاب عنه الشيخ الأعظم (٢) بأن الظاهر من الحرمة فيه النجاسة : لان مجرد التحريم لا يدل على النجاسة فضلا عن تنجس الملاقى ، فالملازمة بين نجاسة الشيء ونجاسة ملاقيه لا حرمة الشيء وحرمة ملاقيه.
وفيه : ان اساس الاستدلال إنما يكون مبتنيا على ملازمة الحرمة الملزومة
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١ ص ٢٠٦ ح ٥٢٨.
(٢) فرائد الأصول ج ٢ ص ٢٤١.