أمّا عندنا : فلجواز القراض بالمشاع.
وأمّا عندهم : فلأنّ الشريك هو العامل ، وذلك لا يمنع التصرّف (١).
وكذلك يجوز القراض مع الشريك بشرط أن لا يشاركه في اليد عندهم (٢) ، ويكون للعامل ربح نصيبه خاصّةً ، ويتضاربان في ربح نصيب الآخَر.
إذا ثبت هذا ، فإنّه لا بدّ فيه من عقدٍ صالحٍ للقراض بألفاظه المشترطة ؛ لأنّه عقد مبتدأ ، وليس هو تقريراً لعقدٍ ماضٍ ؛ لأنّ العقد الماضي قد ارتفع ، فلا بدّ من لفظٍ صالحٍ للابتداء ، والتقرير يشعر بالاستدامة ، فلا ينعقد بلفظ الترك والتقرير بأن يقول الوارث أو وليُّه : « تركتُك ، أو : أقررتُك على ما كنتَ عليه » ـ وهو أحد قولَي الشافعيّة (٣) ـ لأنّ هذه العقود لا تنعقد بالكنايات.
والثاني ـ وهو الأظهر عند الجويني ـ : إنّه ينعقد بالترك والتقرير ؛ لفهم المعنى ، وقد يستعمل التقرير لإنشاء عقدٍ على موجب العقد السابق (٤).
وإن كان المال عروضاً ، لم يصح تقرير الوارث عليه ، وبطل القراض عندنا وارتفع ـ وهو أظهر وجهي الشافعيّة وإحدى الروايتين عن أحمد (٥) ـ لارتفاع القراض الأوّل بموت المالك ، فلو وُجد قراضٌ آخَر لكان عقداً
__________________
(١) المغني ٥ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.
(٢) الوسيط ٤ : ١٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.
(٣ و ٤) الوسيط ٤ : ١٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠.
(٥) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٩٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣٩٧ ، البيان ٧ : ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٠ ، المغني ٥ : ١٨١ و ١٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.