وقال أبو يوسف ومحمّد : يصحّ منه الشراء ، ولا يصحّ منه البيع ، وفرّقوا بينهما بأنّ الوكيل يدخل ما يشتريه أوّلاً في ملكه ، فإذا باع ملك غيره لم يدخل في ملكه ، وكان العامل كأنّ في يده عصيراً فصار خمراً ، فيكون ذلك لربّ المال ، ولا يكون بيعه إلاّ من جهته ، ولا يصحّ من المسلم بيع الخمر (١).
إذا عرفت هذا ، فلو خالف العامل واشترى خمراً أو خنزيراً أو أُمَّ ولدٍ ودفع المال في ثمنه ، فإن كان عالماً كان ضامناً ؛ لأنّ ربّ المال لا يملك ذلك ، فكأنّه قد دفع ثمنه بغير عوضٍ ، فكان ضامناً.
وإن كان جاهلاً ، فكذلك ـ وهو الأشهر للشافعيّة (٢) ـ لأنّ حكم الضمان لا يختلف بالعلم والجهل.
وقال القفّال من الشافعيّة : يضمن في الخمر ، دون أُمّ الولد ؛ لأنّه ليس لها أمارة تُعرف بها (٣).
وقال بعضهم : لا يضمن فيهما (٤).
وقال آخَرون : لا يضمن في العلم أيضاً ؛ لأنّه اشترى ما طلب فيه الفضل بحسب رأيه (٥).
وهو خطأ ؛ لأنّ ربّ المال لا يملك ذلك ، فلا يجوز له دفع المال في عوضه.
__________________
(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٢ ، المغني ٥ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٥٥.
(٢) البيان ٧ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٤.
(٣) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.
(٤) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٨.