الظاهر هلاكها فيجب عليه أخذها (١).
ومنهم مَنْ قال : في المسألة قولان :
أحدهما : يستحبّ ؛ لأنّ ذلك أخذ أمانةٍ ، فلم يلزمه ، كقبول الوديعة.
والثاني : يجب ؛ لقوله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (٢) وإذا كان وليّه وجب عليه حفظ ماله إذا خاف هلاكه ، كوليّ الصغير ، بخلاف الوديعة ، فإنّه لا يخاف هلاكها ، ولأنّ حرمة مال المسلم كحرمة دمه ، فيجب صونه عن الضياع (٣).
وهو معارَض بقول ابن عباس وابن عمر ، ولم يُعرف لهما مخالف في الصحابة ، ولأنّه تعريض لنفسه لأكل الحرام وتضييع الواجب من تعريفها وأداء الأمانة فيها ، فكان تركه أولى وأسلم ، كولاية مال اليتيم.
وقد احتجّ الشافعي على الاستحباب : بحديث زيد بن خالد الجهني ، قال : جاء رجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فسأله عن اللّقطة ، فقال : « اعرف عفاصها ووكاءها » (٤) الحديث.
وبما رواه أُبيّ بن كعب قال : وجدتُ مائة دينار ـ وروي : ثمانين ديناراً (٥) ـ فأتيتُ بها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : « عرِّفها حولاً » فعرّفتُها حولاً فلم تُعرف ، فرجعتُ إليه ، فقال : « اعرف عدّتها ووعاءها ووكاءها واخلطها
__________________
(١) الحاوي الكبير ٨ : ١١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٣٦ ، الوسيط ٤ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٤ ـ ٥٢٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٤٧ ، البيان ٧ : ٤٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٥٢.
(٢) سورة التوبة : ٧١.
(٣) الحاوي الكبير ٨ : ١١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٤ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٤٧ ، البيان ٧ : ٤٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٥٢ ، المغني ٦ : ٣٤٧ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٦٠.
(٤) تقدّم تخريجه في ص ١٦٦ ، الهامش (١).
(٥) الأُم ٤ : ٦٧.