وعلى القول بالتحريم أو الكراهة لا يجوز التقاطها للتملّك قطعاً عندنا ، بل ليحتفظها لصاحبها دائماً ، ويعرّفها حولاً ، ويتصدّق بها بعد الحول عن صاحبها.
وفي الضمان لعلمائنا قولان مع التصدّق ، المشهور : ثبوته ؛ لأنّه دفع مال غيره المعصوم إلى غير مالكه ، فكان ضامناً له.
ولما رواه عليّ بن أبي حمزة عن العبد الصالح موسى الكاظم عليهالسلام ، قال : سألته عن رجلٍ وجد ديناراً في الحرم فأخذه ، قال : « بئس ما صنع ، ما كان ينبغي له أن يأخذه » قال : قلت : ابتلى بذلك ، قال : « يُعرّفه » قلت : فإنّه قد عرّفه فلم يجد له باغياً ، فقال : « يرجع إلى بلده فيتصدّق به على أهل بيتٍ من المسلمين ، فإن جاء طالبه فهو له ضامن » (١).
وقال بعض علمائنا : لا يضمن إذا تصدّق بها بعد الحول ؛ لأنّه امتثل الأمر بالصدقة بها ، فلا ضمان عليه (٢).
والمشهور : الأوّل.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ أحمد بن حنبل ـ في إحدى الروايتين ـ ذهب إلى ما اخترناه من الفرق بين لقطة الحِلّ والحرم ، فحرّم التقاط لقطة الحرم للتملّك ، وإنّما يجوز التقاطها لحفظها لصاحبها ، فإن التقطها عرّفها أبداً حتى يأتي صاحبها ـ وهو أحد قولَي الشافعي ـ لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تحلّ ساقطتها إلاّ لمُنشدٍ » (٣) معناه : لا تحلّ لقطة مكة إلاّ لمن يُعرّفها ؛
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٣٩٥ ـ ٣٩٦ / ١١٩٠.
(٢) المفيد في المقنعة : ٦٤٦ ، والطوسي في النهاية : ٣٢٠ ، وسلاّر في المراسم : ٢٠٦ ، وابن البرّاج في المهذّب ٢ : ٥٦٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٢٧٨ ، والمحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٣ : ٢٩٢.
(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٦٤ ـ ١٦٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٨٨ / ١٣٥٥.