من الحنطة والزبيبة الواحدة ، فلا تعريف على واجده ، وله الاستبداد به ـ وبينهم خلاف في أنّ مَنْ أتلف ممّا لا يتموّل ما هو من قبيل المثليّات هل يغرمه؟ والظاهر بينهم أنّه لا يغرمه ، كما لا يجوز بيعه وهبته ـ وإن كان متموّلاً مع القلّة فيجب تعريفه ؛ لأنّ فاقده يطلبه (١) ، خلافاً لأبي حنيفة ومالك (٢).
واختلفوا في قدر مدّة تعريفه على وجهين :
أحدهما : سنة ؛ لإطلاق الأخبار.
والثاني : المنع ؛ لأنّ الشيء الحقير لا يدوم فاقده على طلبه سنةً ، بخلاف الخطير.
وعلى هذا فأوجُه :
أحدها : قال الاصطخري : إنّه يكفي التعريف مرّةً ؛ لأنّه يخرج بها عن حدّ الكاتم ، وليس بعدها ضبط يعتمد.
والثاني : يُعرّف ثلاثة أيّام ؛ لأنّه قد روي في بعض الأخبار : « مَن التقط لقطةً يسيرة فليعرّفها ثلاثة أيّام » (٣).
والثالث ـ وهو الأظهر بينهم ـ : إنّه يُعرّف مدّةً يُظنّ في مثلها طلب الفاقد له ، فإذا غلب على الظنّ إعراضه سقط التعريف (٤).
ويختلف ذلك باختلاف قدر المال.
قال بعض الشافعيّة : دانق الفضّة يُعرَّف في الحال ، ودانق الذهب
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤.
(٣) سنن البيهقي ٦ : ١٩٥ ، مسند أحمد ٥ : ١٨٣ / ١٧١١٦.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.