والغرامة في نقلها ، فكان أكلها أولى (١).
إذا ثبت هذا ، فإذا أراد أكلها ، حفظ صفتها حتى إذا جاء صاحبها غرمها له ؛ فإنّ الغرامة تجب عليه في قول عامّة أهل العلم (٢) ، إلاّ مالكاً ؛ فإنّه قال : يأكلها ولا يغرم قيمتها لصاحبها ولا يعرّفها ؛ لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هي لك » (٣) ولم يوجب تعريفاً ولا غرماً ، وسوّى بينه وبين الذئب ، والذئب لا يعرّف ولا يغرم (٤).
قال ابن عبد البرّ : لم يوافق مالكاً أحدٌ من العلماء على قوله ، وقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ردّ على أخيك ضالّته » دليل على أنّ الشاة على ملك صاحبها ، ولأنّها لقطة لها قيمة وتتبعها النفس ، فتجب غرامة قيمتها لصاحبها إذا جاء ، كغيرها ، ولأنّها ملك لصاحبها ، فلم يجز تملّكها عليه بغير عوضٍ من غير رضاه ، كما لو كانت في البنيان ، ولأنّها عين يجب ردّها مع بقائها ، فوجب غرمها إذا أتلفها ، كلقطة الذهب ، وقوله عليهالسلام : « هي لك » لا يمنع وجوب غرامتها ، فإنّه قد أذن في لقطة الذهب والورق بعد تعريفها في أكلها وإنفاقها ، وقال : « هي كسائر مالك » ثمّ قد أجمعوا على وجوب غرامتها ولم يذكره في الحديث ، فكذا الشاة ، ولا فرق بينهما في الماليّة ، فلا فرق بينهما في الغرم (٥).
__________________
(١) الاستذكار ٢٢ : ٣٣٠ / ٣٣٠٤٠ ، التمهيد ٣ : ١٠٨ ، المغني ٦ : ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٦٨.
(٢) المغني ٦ : ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٦٨.
(٣) راجع : الهامش (١) من ص ١٦٦.
(٤) الاستذكار ٢٢ : ٣٤٣ / ٣٣١٤١ ، التمهيد ٣ : ١٢٣ و ١٢٦ ، الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٦ ، البيان ٧ : ٤٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٥ ، المغني ٦ : ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٦٨.
(٥) الاستذكار ٢٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ / ٣٣١٤٨ ـ ٣٣١٥٥ ، التمهيد ٣ : ١٢٥ ـ ١٢٦ ، وحكاه عنه ابنا قدامة في المغني ٦ : ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٦٨ ـ ٣٦٩.