إذن الحاكم مع إمكانه ضمن ما أنفقه ، ولم يكن له الرجوع على اللقيط ، كمَنْ في يده وديعة ليتيمٍ فأنفقها عليه.
ولبعض الشافعيّة وجه غريب : إنّه لا يصير ضامناً (١).
إذا تقرّر هذا ، فإذا رفع الأمر إلى الحاكم كان للحاكم أن يأخذ المال منه ويسلّمه إلى أمينٍ لينفق منه على اللقيط بالمعروف ، أو يصرفه إلى الملتقط يوماً بيومٍ ، أو يتركه بحاله في يد الملتقط إذا رأى الإمام الصلاح في ذلك.
ثمّ الأمين إن قتر عليه مُنع منه ، وإن أسرف ضمن الأمين والملتقط الزيادةَ ، ويستقرّ الضمان على الملتقط إذا كان الأمين قد سلّمه إليه ؛ لحصول الهلاك في يده ، وقد قلنا : إنّ للحاكم أن يأذن للملتقط في الإنفاق ويترك المال في يده إذا كان أميناً عنده.
وأمّا الشافعيّة فقدّموا على الحكم مقدّمةً ، وهي : إنّه إذا لم يكن للّقيط مال واحتيج إلى الاستقراض له ، هل يجوز للقاضي أن يأذن للملتقط في الإنفاق عليه من مال نفسه ليرجع؟ نصّ الشافعي على الجواز ، ونصّ في الضالّة أنّه لا يأذن لواجدها في الإنفاق عليها من مال نفسه ليرجع على صاحبها ، بل يأخذ المال منه ويدفعه إلى أمينٍ ، ثمّ الأمين يدفع إليه كلّ يومٍ بقدر الحاجة.
فاختلف أصحابه ، فقال أكثرهم : المسألة على قولين :
أحدهما : المنع في الصورتين ، وبه قال المزني ، وإلاّ كان قابضاً للغير من نفسه ومقبضاً.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٩٣.