نحن إليه.
واختلفت الشافعيّة على قولين :
قال بعضهم بالقطع على ما قلناه ولم يُثبتوا فيه خلافاً.
وأثبت الأكثر منهم قولاً آخَر : إنّه لا يجب القصاص (١).
وهو خطأ ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « السلطان وليّ مَنْ لا وليّ له » (٢).
ثمّ اختلف هؤلاء في شيئين :
أحدهما : في مأخذ القولين.
قال قوم : وجه الوجوب : إنّه مسلم معصوم الدم ، فوجب القصاص كغير اللقيط ، ووجه المنع : إنّه لو وجب القصاص لوجب لعامّة المسلمين ، كما يصرف ماله إليهم ، وفي المسلمين أطفال ومجانين ، ومهما كان في الورثة أطفال ومجانين لا يمكن استيفاء القصاص قبل البلوغ والإفاقة ، وأيضاً لا بدّ من اجتماع الورثة على الاستيفاء ، واجتماع جميع المسلمين متعذّر (٣).
وقال بعضهم : بناؤهما على أنّ المحكوم بإسلامه تجري عليه أحكام الإسلام ، أو يتوقّف فيه إلى أن يعرب بالإسلام؟ فإن قلنا بالأوّل ، أوجبنا القصاص ، وإن قلنا بالثاني ، فقد فات الإعراب بقتله ، فلا يجري عليه حكم المسلمين.
قال : والمأخذ الأوّل فاسد ؛ لأنّ الاستحقاق ينسب إلى جهة الإسلام ،
__________________
٣ : ٣٩٩ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٠ : ٢١٨ ، المغني ٦ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ٦ ٤١٨.
(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٠٣.
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٦٠٥ / ١٨٧٩ ، سنن أبي داوُد ٢ : ٢٢٩ / ٢٠٨٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٠٨ / ١١٠٢ ، سنن الدارمي ٢ : ١٣٧ ، مسند أحمد ١ : ٤١٥ / ٢٢٦٠.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠٨.