أمّا القراض فإنّه لفظ مأخوذ من القرض ، وهو القطع ، كما يقال : قرض الفأر الثوبَ ، أي قطعه ، ومنه المقراض ؛ لأنّه يُقطع به ، فكأنّ صاحب المال اقتطع من ماله قطعةً وسلّمها إلى العامل ، أو اقتطع له قطعةً من الربح.
وقيل : اشتقاقه من المقارضة ، وهي المساواة والموازنة ، يقال : تقارض الشاعران إذا وازن كلٌّ منهما الآخَر بشعره (١).
وحكي عن أبي الدرداء أنّه قال : قارض الناس ما قارضوك ، فإن تركتهم لم يتركوك (٢) ، يريد ساوِهم فيما يقولون.
وهذا المعنى متحقّق هنا ؛ لأنّ المال من جهة ربّ المال ، ومن جهة العامل العمل ، فقد تساويا في قوام العقد بهما ، فمن هذا المالُ ، ومن هذا (٣) العملُ.
ويحتمل أن يكون ذلك لاشتراكهما في الربح.
وأمّا المضاربة فهي مأخوذة من الضرب ، قال الله تعالى : ( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ ) (٤) والعامل يضرب في الأرض للتجارة يبتغي الربح.
وقيل : إنّه مأخوذ من ضرب كلٍّ منهما في الربح بسهمه ، أو لما فيه
__________________
(١) كما في بحر المذهب ٩ : ١٨٦ ، والبيان ٧ : ١٥٧ ، والعزيز شرح الوجيز ٦ : ٣ ، والمغني ٥ : ١٣٥ ، والشرح الكبير ٥ : ١٣٠.
(٢) كما في البيان ٧ : ١٥٧ ، وحكاه عنه الأزهري في الزاهر : ٣٠٤ ، والروياني في بحر المذهب ٩ : ١٨٦ ، وابن منظور في لسان العرب ٧ : ٢١٧ « قرض ».
(٣) في الطبعة الحجريّة : « ومن الآخَر » بدل « ومن هذا ».
(٤) سورة المزّمّل : ٢٠.