في الحدود؟. أم أننا نجعل من الضّمير مجرد أداة للتقدير الفني؟.
ولكن ، أليس بدهيا أنّ علم الأخلاق ، وعلم الجمال ـ أمران مختلفان؟.
وبمعنى أكثر عمقا ، إذا كان حقا أنّ كلّ ما هو خير فهو جميل ، فهل العكس أيضا صحيح؟ ..
إنّ مما لا ريب فيه أنّ لفكرة الفضيلة جمالها الذاتي ، الّذي تتذوقه الأنفس ، حتّى عند ما لا تستبى الأعين ، لكن هنالك أيضا أشياء أكثر من هذا ، فالفضيلة بطبيعتها عاملة ومحركة ، فهي تستحثنا أن نعمل كيما نجعل منها واقعا ملموسا ، على حين لا نرى للإحساس بالجمال ، إذا ما رددناه إلى أبسط صوره ، أية علاقة بالعمل ، وبخاصة عند ما لا يكون موضوعه متصلا بإرادتنا.
ومن ذلك أنّ إعجابنا بالقدرة الإلهية ، أو بعظمة القبّة السّماوية لا يحملنا على أن نخلق أمثالهما. وشبيه بهذا ما يحدث للفنان عند ما يتخيل فكرة عمل يمكن تحقيقه ، فإنّ هذه الفكرة لا تقهره ، مطلقا على أن ينفذها ، ولكنها تدعوه برفق أن يحققها حين يريد ، ومتى أتيح له وقت فراغ. ولو أنّها فرضت نفسها على بعضهم ، فإنّها لا تفرض نفسها على الآخرين بنفس القدر من الضّرورة ، وهي في كلّ حال تعبر عن الإحساسات ، دون أن تصادمها.
أضف إلى ذلك أنّ أي نقص يرتكب في عمل فني قد يصدم الحواس ، ولكنه لا يثير الضّمائر ، ولا يقال : إنّ مرتكبه قد أحدث عملا غير أخلاقي.
أمّا الخير الأخلاقي فبعكس ذلك يتميز بتلك السّلطة الآمرة تجاه الجميع ، بتلك الضّرورة الّتي يستشعرها كلّ فرد ، أن ينفذ نفس الأمر ، أيّة كانت الحال