وجب علينا أن نتفق على ذلك الإستقلال الّذي خصّ به العقل.
ما ذا تعني في الواقع هذه القولة : «العقل يمنح نفسه قانونه»؟ هل يبدع العقل القانون؟ أو أنّه يتلقاه معدا ، على أنّه جزء من كيانه ، كيما يفرضه على الإرادة؟.
ذلك لأنّه إذا كان العقل مبدع القانون فإنّه سوف يصبح السّيد المطلق ، فيبقى عليه ، أو يبطله ، تبعا لمشيئته ، فإذا لم يستطع ذلك فلأنّه قانون سبق في وضعه وجود العقل ، وأن صانع العقل قد طبعه فيه ، كفكرة فطرية ، لا يمكن الفكاك منها.
وحينئذ يكون معنى : أن يستنصح المرء عقله : أنّه يقرأ في كتاب فطرته النّقية ، والإنسانية بصفة نوعية ـ ما سبق أن فطرها الله عليه. وبعبارة أخرى : عند ما يرجع أشد النّاس إلحادا إلى سلطة العقل فإنّه لا يفعل في الواقع سوى الإنصات إلى ذلكم الصّوت الإلهي ، الّذي يتكلم في داخل كلّ منا ، دون أن يذكر إسمه ، وهو ينطق به صراحة عند ما يتحدث إلى المؤمن.
ولكن ، إذا كان النّوران : الفطري والموحى ـ ينبثقان من مصدر واحد فحسب ، فيجب أن نخرج أخيرا بأنّ الله سبحانه هو الّذي يرشدنا دائما إلى واجبنا ، ما ظهر منه وما بطن.
وهكذا نصل إلى علاج الإلزام الأخلاقي في الإسلام ، في صورته ، كقانون إيجابي [Loi positive].
وينبغي علينا في مواجهتنا لهذا المجال الجديد أن نسأل أنفسنا عما إذا كان للشريعة الإسلامية مصدر واحد ، أو عدة مصادر؟ ذلك لأنّ الفقهاء قد حددوا لها بعامة أربعة مصادر ، هي : القرآن ، أو (كلمة الله) ، والسّنّة ، أو (ما نقل عن الرّسول) ، والإجماع ، أو (الحكم المجمع عليه في الأمّة) ، وأخيرا : القياس أو