واحدة» (١).
وقد ذهب الجمهور إلى أنّ الحكم الوارد بشأن فرد واحد ينطبق على جميع النّاس ، ما دام القياس واضحا بدرجة تقترب من التّماثل. أعني : ما دامت الحالتان لا تفترقان إلّا في صفات فردية يمكن التّسامح فيها (بأن تختلفا في الأفراد ، أو في الزّمان ، أو المكان).
وأعتى خصوم القياس هجوما عليه ، من أمثال ابن حزم ، يؤيدون شمول الحكم ، ويدافعون عنه بقوة ، بإعتباره نتيجة ضرورية لشمول رسالة النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وتساوي الجميع أمام الشّريعة. وإنّما كان مبدأ التّعليل بالقياس موضع خلاف بين فقهاء المسلمين في موقف وأحد ، كما رأينا عند ما تكون الصّفة المشتركة بين الحالتين غير محسوسة ، ويحتاج إستنباطها إلى إعمال العقل بطريقة أقل ، أو أكثر ذكاء ، وهي حالة جزئية لا تحمل أدنى مساس بالمبدأ العام.
بيد أنّ شمول الواجب لا يعني إمتداده إلى جميع الأفراد فحسب ، ولكنه يستتبع كذلك تطبيقه على مختلف الظّروف الّتي يمكن أن يوجد فيها فرد معين ، وهذا النّوع من الشّمول هو ما يطلق عليه إصطلاحا : الضّرورة المطلقة [necessite.absolue] ولسوف نرى فيما بعد أنّ هذا الوصف غير صالح لتطبيقه بدقة على
__________________
(١) موطأ مالك : ٢ / ٩٨٢ ح ١٧٧٥. وفي رواية : (مثل قولي لامرأة واحدة) «المعرب». وانظر ، تفسير القرطبي : ٢٨ / ٧٩ ، رسائل المحقق الكركي : ١ / ١٤٣ ، تفسير ابن كثير : ٤ / ٣٥٣ ، صحيح ابن حبان : ١٠ / ٤١٧ ح ٤٥٥٣ ، موارد الظّمآن : ١ / ٣٤ ح ١٤ ، مجمع الزّوائد : ٦ / ٣٩ ، سنن البيهقي الكبرى : ٨ / ١٤٨ ، سنن الدّارقطني : ٤ / ١٤٦ ح ١٤ و ١٦ ، السّنن الكبرى : ٤ / ٤٢٩ ح ٧٨٠٤ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ٩٥٩ ح ٢٨٧٤ ، المصنّف لعبد الرّزاق : ٦ / ٨ ح ٩٨٣١ ، مسند أحمد : ٦ / ٣٥٧ ح ٢٧٠٥٣ ، المعجم الكبير : ٢٤ / ١٦٣ ح ٤١٧ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ١ / ٦٣ ح ١٨١.