فكرة الواجب القرآني ؛ فالواجب ـ على ما قرره القرآن ـ لا يفرض على الإنسان إلّا عند ما يكون ممكنا ، ولكنه ضروري بمعنى أنّه لا ينبغي أن ينحني أمام حالاتنا الذاتية ، ولا أمام مصالحنا الشّخصية.
ومن الأرتياب ، أو مرض القلوب ـ كما حدثنا القرآن ـ ألّا نذعن للقانون إلّا حين نفيد منه ، على حين يخضع له المؤمنون دون قيد أو شرط : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ* وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) (١).
والقرآن لا يعظم فحسب الأنفاق الّذي يحدث على نسق وأحد ، في السّراء والضرّاء : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) (٢) ، ولا يمتدح فقط الشّجاعة الّتي تتحدى الجوع ، والعطش ، والنّصب : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ) (٣). ليس ذلك فحسب ، وإنّما هو يندّد في قسوة بأولئك المرضى المنحرفين ، الذين تمنعهم مثل هذه الحالات من أداء الواجب : (وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا) (٤).
وحين يتكلم الشّرع الإلهي فلا كلام لأحد. يقول الله سبحانه في كلمات
__________________
(١) النّور : ٤٨ ـ ٥١.
(٢) آل عمران : ١٣٤.
(٣) التّوبة : ١٢٠.
(٤) التّوبة : ٨١.