القيم الأخرى ، فهل هذا يشبع الحاجة الأخلاقية؟ ..
إنّ الكائن الإنساني تركيب من العلاقات : فالعنصر الحيوي ، والشّخصي ، والأسري ، والإجتماعي ، والإنساني ، والإلهي ـ كلّ ذلك نظام من العناصر المترابطة المتواثقة ، وكلّه قابل للتطور والتّقدم ، وليس من الممكن أن نغفل أي واحد منها دون أن نخلخل هذا التّناسب العجيب الّذي أبدع فيه الإنسان ، أو نشوهه ، أو نبتزه.
والحاسة الخلقية تتطلب أزدهار هذا المجموع ككلّ ، وهو ما لا يمكن إلّا بشرط أن نربي ـ على التّوازي ـ جميع الجوانب إلى مستوى معين ، أي : أنّه يجب أن تمارس النّفس الإنسانية جميع القيم ، قبل أن تتخصص في واحدة من بينها ، وذلكم هو المفهوم الإسلامي للواجب : «إنّ لربّك عليك حقّا ، ولنفسك عليك حقّا ، ولأهلك عليك حقّا» (١) ، «وفي رواية. ولزورك ، فأعط كلّ ذي حقّ حقّه» (٢).
فمن هذه المنافسة في القيم ينتج بالضرورة أنّ الواجب فرع من فروع الحياة لا ينبغي له أن يشغل سوى إمتداد معين من الخير الممكن ، والميسور في هذا الفرع نفسه ، تاركا المجال للفروع الأخرى كي تشبع إحتياجاتها ؛ وتحرز نصيبها
__________________
(١) انظر ، تفسير ابن كثير : ٣ / ٤٠٠ ، بحار الأنوار : ٦٧ / ١٢٨ ح ١٤ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٥٤٢ ، صحيح ابن حبّان : ٢ / ٢٤ ، مسند أبي يعلى : ٢ / ١٩٣ ، تأريخ واسط : ١ / ٢٣٣ ، الإستيعاب : ٢ / ٦٣٧ ، مستدرك السّفينة : ٣ / ٢٦٨.
(٢) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٦٩٦ ح ١٨٧٣ وص : ٦٩٧ ح ١٨٧٤ و : ٥ / ٢٢٧٢ ح ٥٧٨٣ ، صحيح ابن حبان : ٨ / ٣٣٧ ح ٣٥٧١ ، سنن البيهقي الكبرى : ٤ / ٢٩٩ ح ٨٢٥٧ ، السّنن الكبرى : ٢ / ١٧٦ ح ٢٩٢٣ ، مسند أحمد : ٢ / ١٩٨ ، التّرغيب والتّرهيب : ٣ / ٢٥٠ ح ٣٩٠٤ ، فتح الباري : ٣ / ٣٩ و : ٤ / ٢١٧ و : ١٠ / ٥٣١ ح ٥٧٨٣ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٢٦٣ ، المحلى : ٧ / ١٢.