(وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (١) ، وقوله : (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) (٢) ، فهو يضع فضيلة الإسماح [Condescendance] فوق (الحقّ الثّابت) ، ويلح بخاصة على فضيلة (الإحسان) ، واسمع في ذلك قوله تعالى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) (٣).
وإمهال المدين عند ما يكون عاجزا عن الوفاء ـ واجب ، ولكن إعفاءه نهائيا من دينه بادرة جديرة بالثناء. (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) (٤).
والدّفاع عن النّفس ضد الظّلم حقّ ، ولكن التّحمل ، والمغفرة أجمل. (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٥).
وأداء الفرائض خير ، ولكن (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) (٦).
في مقابل هذه الدّرجات للقيمة الإيجابية ، والّتي سبق أن ذكرناها في المفهوم الأخلاقي للخير ، في القرآن ـ من اليسير أن نتعرف درجات القيمة السّلبية الّتي وضعها القرآن على النّقيض.
بيد أنّ سلم القيم ، مع هاتين القائمتين المتوازيتين لمّا يستنفد ، حتّى في سطوره البارزة ؛ ذلك أنّه سلّم ثلاثي ، يتقارب فيه هذان الطّرفان المتضادان
__________________
(١) البقرة : ٢١٩.
(٢) الفرقان : ٦٤.
(٣) البقرة : ٢٣٧.
(٤) البقرة : ٢٨٠.
(٥) الشّورى : ٤١ ـ ٤٢.
(٦) البقرة : ١٥٨.