قانون من قوانين الطّبيعة ، يخضع له الفرد خضوعا سلبيا ، ويطبقه تطبيقا أعمى.
ومعنى ذلك ، أنّ (الإلزام) الصّرف يقابله بالضرورة إنتفاء للحرية ، وخضوع تام.
ولكن ، ما جدوى هذا الضّمير حينئذ؟ الضّمير الّذي لن يغير حضوره أو عدمه شيئا في مجرى الأمور؟
وإذا نحن إتجهنا إلى الطّرف الآخر ، وأرضينا الفرد العامل بمنحه حرية كاملة في الإختيار والتّصرف ، فستكون النّتيجة عكسية ، إذ سوف يتحول «الأمر» إلى مجرد «نصيحة» يمكن أن نقبلها أو نرفضها ، بحسب تقديراتنا الشّخصية.
ما الّذي يجب علينا أمام هذه الدّواعي المتعارضة؟ هل يجب أن ننحاز إلى أحد الجانبين ، أو نحاول التّوفيق بينهما؟ وإذا تعين الإختيار فأي الإتجاهين نختار؟ وإذا تعين التّوفيق فعلى أي أساس يكون؟. تلكم هي المشكلة الّتي تتطلب حلا ، ولننظر الآن كيف إختلفت حلولها.
وفي السّطور التّالية ، حتّى نهاية الفصل سوف نهتم ببيان كيف أنّ الحلّ القرآني يمكن أن يعتبر توفيقا منصفا لجميع الأطراف الحاضرة في القضية ، على حين أنّ لدى النّظريات العادية إتجاها متفاوتا في مقداره ، نحو إختيار أحد طرفي التّعارض ، أو الآخر.
ولسوف نقصر الفقرة التّالية ـ الّتي خصصناها للخاتمة ـ لنقوم بإثبات الشّق الأوّل من هذه الدّعوى المزدوجة ؛ ونبدأ الآن بالشق الثّاني ، لنبرز الصّعوبات الّتي تصطدم بها نظريتان سائدتان ، نقدمهما هنا مثلين نموذجين ، لإتجاهين متطرفين ، أحدهما يمثل السّلطة الصّارمة للواجب العام ، والآخر يدافع عن