و«الشّكل» المختار؟ إنّ هذا الوسط ليس المادة «موضوع الرّغبة» ، الخاضعة للتجربة ، والمتنوعة بالنسبة لكلّ ، ولا الشّكل الخالي تماما ، ولا مضمون له ، ولكنه مفهوم قابل للتفكير ، موضوع للإدراك ، معروف قبليّا ، ومفروض على كلّ الإرادات ، بفضل تصور قيمته الذاتية.
ألسنا بهذا نتحاشى عيوب المنهج الأمبيريقي ، مع تحفظنا الكامل من أن نضيع في المنهج الشّكلي؟.
والحقّ أننا بسبب نوع من الحاجة المنطقية نفرض بالضرورة على أحكامنا شكلا عاما ، كيما نجيزها من ناحية القوانين الأخلاقية ، فنحن لا نوافق على أن يصبح سلوك ما ملزما لبعض النّاس ، وغير ملزم للآخرين ، الذين يماثلونهم في ظروفهم ، فذلك أمر يثير العقل. ولكن هذا الأرتباط الضّروري بين المادة والشّكل لا يصح إلا في إتجاه واحد : «فكل واجب عام ، ولكن العكس ليس صحيحا» ، فمن أجل تأكيد هذه العلاقة بدأ الحكم الأخلاقي بأن لاحظ في السّلوك «قيمة» في ذاتها ، تنزع بمنطقها الدّاخلي إلى أن تنتشر ، وهي قيمة ذات صفة من نوع خاص ، فهي من الممكن أن تفرض ، وهي يسيرة بالنسبة لكلّ الأفراد.
وأية طريقة للسلوك لا تستوفي هذا الشّرط المزدوج لا يمكن أن تكون قانونا أخلاقيا .. فلتكن أي شيء ، إلا أن تكون واجبا ، ولكنها ليست بالضرورة جريمة ، لأنّ من الممكن أن تكون عملا إختياريا (مثل التّبتل) ، أو عملا يستحق أعلى درجات التّقدير (مثل : البطولة الخارقة لمن هو فوق البشر) ، ولهذا لم تكن