كما يقول ـ : إذا كانت القيمة الأخلاقية للعمل لا تكمن في الآثار الّتي تنتظر منه ، ولا في إتفاقه مع ميولنا ، بل في علاقته بالقانون .. وإذا كان هذا القانون ـ من ناحية أخرى ـ واقعا مسلما للعقل ، بإعتباره قوة ذات كيان ذاتي ، ومستقل عن قوة الشّعور ـ فيجب أن نستبعد كلا من المذهب الإمبيريقي [Empirisme] الّذي يحصر الخير في النّتائج النّافعة ، والنّزعة الصّوفية [Mysticisme] الّتي تتوه في العالم العلوي ، ونتمسك بالمنهج العقلي [Rationalisme] ، وهو المنهج الوحيد الّذي يتناسب مع المفاهيم الأخلاقية (١).
وإلى هنا نستطيع أن نكون متفقين مع «كانت» ، ولكنه يضيف قائلا : «ولما كنت قد جردت الإرادة من جميع الدّوافع ، والنّتائج فلم يبق سوى التّمسك بالصيغة العامة للقانون في عمومه ، فهي وحدها الّتي تصلح أن تكون مبدأ للإرادة.
وبعبارة أخرى : إذا أتخذت المادة موضوعا للإرادة ، وكانت مبدأ محدّدا لها ، فإنّ الإرادة سوف تخضع لظرف تجريبي ، «ولما كنّا قد نزعنا بالتجريد كلّ مادة ، فلم يبق سوى الشّكل» (٢).
وهنا ـ في رأينا ـ يمكن اللبس ، وتظهر الحاجة إلى الحبكة ، وبسببهما أحدث هذا التّعليل ثغرة بين المقدمات ، والنّتيجة ، لأنّه عند ما أستبعدت الدّوافع الحسية ، والحسابات العملية ، فلم تستنفذ بذلك جميع الحلول الممكنة للوصول إلى الشّكل المحض ، ألسنا نرى ـ في الواقع ـ وسطا بين «المادة» المنقوضة
__________________
(١) انظر ، ١ ـ Kant : Crit.p.٣٧
(٢) انظر ، ١ ـ Kant : Crit.p.٦٢.