الباحث عن الملكات الإنسانية المتعلقة بقواه النّباتية ، والحيوانية ، والإنسانية ، وتميز الفضائل منها من الرّذائل ليستكمل الإنسان التّحلي ، والأتصاف بها سعادته العلمية ، فيصدر عنه من الفضائل ما يجلب الحمد العام ، والثّناء الجميل من المجتمع الإنساني ، وقد قال صلىاللهعليهوآله :
«إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (١).
وأعلم ، أنّ صاحب الأخلاق السّامية صاحبه هو الله الّذي لا يفارقه في حضره ، وسفره ، ونومه ، ويقظته ، بل في حياته ، وموته ، هو ربّه ، ومولاه ، وسيّده ، وخالقه. ومهما ذكره فهو جليسه إذ قال تعالى في الحديث القدسي : «أنا جليس من ذكرني» (٢). ومهما إنكسر قلبه حزنا على تقصيره في حقّ دينه فهو صاحبه ، وملازمه ، إذ قال أنّا عند المنكسرة قلوبهم (٣). فلو عرفه حقّ المعرفة لاتخذه صاحبا ، وجليسا ، وأنيسا ، وترك النّاس جانبا. فإن لم يقدر على ذلك في جميع أوقاته فايّاه أن يخلي ليله ، ونهاره عن وقت يخلو فيه بمولاه ، ويتلذذ بمناجاته. وأدى الصّحبة مع الله عزوجل على ما قاله بعض العلماء (٤).
__________________
(١) انظر ، كنز العمال : ٣ / ١٦ ح ٥٢١٧.
(٢) انظر ، الكافي : ٢ / ٤٩٦ ، تفسير القرطبي : ٤ / ٣١١ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ١ / ١٠٨ ح ١٢٢٤ ، الجامع الصّغير : ١ / ٣٠٤ ح ٥٥٧ ، صفوة الصّفوة : ٣ / ١٦٠ ، كتاب الزّهد لابن أبي عاصم : ١ / ٦٨.
(٣) انظر ، بحار الأنوار : ٧٠ / ١٥٧ باب ١٢٥ ، كتاب الزّهد الكبير : ٢ / ١٦٢ ح ٣٦٧ ، كتاب الزّهد : ١ / ٧٥ ، حلية الأولياء : ٢ / ٣٦٤ ، كشف الخفاء : ١ / ٢٣٤ ، صفوة الصّفوة : ٢ / ٢٩٣.
(٤) انظر ، في هذا المطلب كتب الآداب ، والعرفان الّتي ألّفها علماؤنا الأعلام في هذا المجال منها : الآداب المعنوية للسيد الإمام الخميني قدسسره ، الفصل الأوّل في التّوبة إلى عزّ الرّبوبية ، وذّل العبودية ، ففيه إن شاء الله تعالى ما يغني.