ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (١).
بل إنّ الحساب لن يطلب عن جميع الأعمال الظّاهرة ، والخفية فحسب ، حيث قال تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) (٢) ، وإنّما سوف يقدم حساب عن مجموع إستخدامنا لملكاتنا وقدراتنا ، وكلّ مال طبيعي ، موروث ، أو مكتسب : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (٣) ، وقال تعالى : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (٤) ، والنّبي صلىاللهعليهوسلم يعطينا فكرة عن هذه المسألة فيقول : «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن عمله فيم عمل؟ ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ ، وعن جسمه فيم أبلاه؟» (٥).
ولو أردنا أن نصوغ قولة تلخص هذه الصّفة الشّمولية في جانبيها ، فلن نجد
__________________
(١) الكهف : ٤٧ ـ ٤٩.
(٢) البقرة : ٢٨٤.
(٣) الإسراء : ٣٦.
(٤) التّكاثر : ٨.
(٥) انظر ، صحيح التّرمذي : ٤ / ٦١٢ ح ٢٤١٧ ، سنن الدّارمي : ١ / ١٤٤ ح ٥٣٧ و ٥٣٩ ، المصنف لابن أبي شيبة : ٧ / ١٢٥ ح ٣٤٦٨٤ ، المعجم الأوسط : ٧ / ٣٠٧ ح ٧٥٧٦ ، المعجم الصّغير : ٢ / ٤٩ ح ٧٦٠ ، مسند أبي يعلى : ١٣ / ٤٢٨ ح ٧٤٣٤ ، المعجم الكبير : ١٠ / ٨ ح ٩٧٧٢ ، تهذيب الكمال : ١٠ / ٥١٧ ، وورد الحديث هكذا : «والّذي نفسي بيده لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأله الله تعالى عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله ممّا أكتسبه ، وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت» ، أنظر ، مجمع الزّوائد : ١٠ / ٣٤٦ ، المعجم الكبير : ١١ / ١٠٢ ح ١١١٧٧ ، المعجم الأوسط : ٩ / ١٥٦ ح ٩٤٠٦ ، بشارة المصطفى : ٢٥٢ ، تفسير نور الثّقلين : ٤ / ٤٠٢.