مسئولا عن أي شيء ، ولكن العلاقة بين الواقع الخاضع للحكم ، والفرد المسئول تفقد هذه الدّقة في التّحديد على الفور ، فلا تعود تقتضي هذه المجموعة من الشّروط.
ومع ذلك ، فإنّ علينا أن نفرق في المجال القانوني بين المسئولية الإصلاحية (المعروفة بالمدنية) ، والمسئولية الجزائية (أو العقابية) ، فهذه الأخيرة تظل وثيقة الصّلة بالمسئولية الأخلاقية بتحديدها ، وقصرها على الإنسان البالغ ، السّوي ، عند ما يعمل عن قصد ونية.
لقد حاول بول فوكونيه [Paul Fauconnet] في دراسته الإجتماعية عن المسئولية ـ أن يبين أنّ هذا التّحديد الدّقيق الّذي نجده في المجتمعات الأوربية المعاصرة ـ هو من النّاحية التّأريخية ذو أصل قريب.
وقد بحث المؤلف أوّلا الظّروف الّتي يمكن لفرد أن يعد فيها مسئولا على سبيل الأفتراض ، فأثبت بالوقائع (المأخوذة لا عن الشّعوب البدائية فحسب ، بل عن مجتمعات أكثر إرتقاء في التّنظيم ، وحتّى وقت قريب من عصرنا) ـ أثبت أنّ الأطفال ، والمعتوهين ، وحتّى الحيوانات ، والأشياء ، كانت تعامل غالبا على أنّها مسئولة عقابيا ، وكانت تدان بهذه الصّفة.
وكتب المؤلف يقول : «فمسئولية الحيوان العقابية ليست ظاهرة بدائية ، قد تمحي أمام الحضارة ، بل إنّ العكس تقريبا هو الصّحيح ، ولقد نجد هذه المسئولية في المجتمعات الثّلاثة الّتي خرجت منها حضارتنا ، في بني إسرائيل ، واليونان ،