الضّحايا لا يتحمل هو منها سوى جزء جد ضئيل ، لأنّ هذه التّعويضات سوف توزع ـ في الواقع ـ على مجموعة كبيرة من النّاس ، البالغين الأسوياء (١) ، الّذي يرتبطون معه عادة برباط من التّعاون الطّبيعي ، أو الأتفاقي ، والذين يشترك معهم كواحد منهم. فإذا عدمت هذه المجموعة الّتي تؤمن له راحة حقيقية من هذا الثّقل ، وجب على الدّولة أن تفي بدلا منه بهذه التّعويضات.
ولقد نظن ، من أوّل وهلة ، أننا نشهد في هذا النّوع من المسئولية مخالفات متكدسة ، لكنا لو تأملناها من قريب للمحنا أنّ الجانب الجماعي لا يتدخل هنا إلّا لكي يقلل إلى أدنى حدّ مساوىء ، موضوعية واقعية ، ولو كان ذلك بتحديدها أو تخفيفها.
إنّ الطّبيعة المركبة للعمل الخاطىء غير المتعمد تضعه ـ كما رأينا ـ وسطا بين حالتين متطرفتين ، هما : العمل المقصود ، والحادث الّذي يقع بطريق الصّدفة المحضة ، فإذا كان يشبه كلا منهما من جانب ، فإنّه يختلف عنه من جانب آخر. وإذن ، فهو لا يحمل على جانب واحد ، أو آخر ، ولا يمكن أن يعامل بنفس الطّريقة ، ونتيجة لهذا لا يصح أن يظفر بلا مسئولية كاملة ، ولا أن يكون موضوع مسئولية كلّية. فواقع الأمر أنّ النّيّة السّيئة معدومة ، ومن العدالة أن يعفى من العقوبة. ومع ذلك ، فإنّ وجود خطأ معين يميزه كثيرا عن الحادث الأتفاقي (الّذي وقع عرضا ، وبطريق الصّدفة) ، (حيث لا مجال في الوقع إلّا لمؤاخذة الطّبيعة) ، وهو ما يؤكد ضرورة نوع من الإصلاح الإنساني.
__________________
(١) يطلق الفقهاء على من يتحمل الدّية في هذه الحال اسم (العاقلة). «المعرب».