رقيقا ، فضلا عن التّعويض المستحق لأولياء الدّم. فإذا كان أحد النّاس قد مات موتا طبيعيا ، فإنّه سوف يأتي بمن يعوضه حين يدخل شخصا آخر في الحياة الأخلاقية. فإنّ عدم لزمه أن يصوم شهرين متتابعين ، والله سبحانه وتعالى يقول في هذا :
(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١).
بيد أنّ هذه الغلطة السّلبية ، في الأنتباه لا تؤدي إلى التّجريم الإيجابي ، والعقابي للعمل الخارجي ، الّذي تكفي صفته الموضوعية الغالبة لفرض الجزاء المدني.
وهذه حالة أخرى للخروج على المبادىء المقررة ، وهو خروج ينهي التّباين بين المسئولية المدنية ، والأنواع الأخرى من المسئولية :
فعلى حين تحتفظ هذه الأنواع دائما بصفتها الفردية الدّقيقة ، نلمح فجأة عنصرا يظهر في تعويض الأضرار النّاجمة عن الخطأ وهو عنصر جماعي شديد القوة ، يعمل على إمتصاص الجانب الفردي .. فهذا المسكين الّذي تسبب في موت آخر ، أو بتر عضو من أعضائه ، أو جرحه ، دون أن يريد ذلك ، هذا المسكين لا يفلت فقط من كلّ أنواع القود ، بل إنّ التّعويضات الّتي تقتضيها منه
__________________
(١) النّساء ٩٢.