وبذلك يصبح الجزاء في هذه الحالة ، ألبتة ، من شأن الصّالح العام ، ويجب أن يطبق بلا هوادة ، أو رأفة.
إنّ الصّرامة في هذا الصّدد لا تجعل مجالا أمام أي تنازل ، أو حلّ وسط ، ولا شك أننا نعرف قصة السّرقة الّتي ارتكبتها امرأة تنتمي إلى طبقة الأشراف العربية ، والّتي أعلن النّبي صلىاللهعليهوسلم بمناسبتها ، وفي كلمات بلغت غاية القوة ، مبدأ مساواة الجميع أمام القانون ، فحين تشفع لديه في هذا الموضوع واحد من خيرة أصحابه ، قام وخطب في النّاس هذه الخطبة القصيرة :
«أيّها النّاس ، إنّما ضل من قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ ، وأيم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطع محمّد يدها» (١).
وهذه حالة أخرى تزيدنا علما ، ذلك أنّ صفوان بن أمية ، حين أجاب دعوة النّبي الّتي أمر بها المسلمين المضطهدين خارج المدينة أن يجيئوا ليستقروا في هذه العاصمة الإسلامية ، وقيل له : إنّه إن لم يهاجر هلك ، غادر مكّة ، مسقط
__________________
(١) حاشا لفاطمة عليهاالسلام أن تسرق ؛ لأنّها مشمولة بآية التّطهير (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ،) الأحزاب : ٣٣ ، ثم لو صح الحديث عندكم فإنّه صلىاللهعليهوآله قال : «لو» وهو حرف امتناع لوجود ، وأراد صلىاللهعليهوآله ، أن يبين لهم ألّا تساهل في الأحكام الشّرعية ، وخاصة الحدود.
وهذا الحديث مشهور عند أهل السّنة كما جاء في تفسير ابن كثير : ٢ / ٥٨ ، صحيح مسلم : ٣ / ١٣١٥ ح ١٦٨٨ ، صحيح البخاري : ٣ / ١٢٨٢ ح ٣٢٨٨ و : ٣ / ١٣٦٦ ، وورد في لفظ : (إنّ بني إسرائيل كان إذا سرق منهم الشّريف تركوه ، وإذا سرق منهم الضّعيف قطعوه ، لو كانت فاطمة ...) ، كما جاء في صحيح ابن حبّان : ١٠ / ٢٤٨ ح ٤٤٠٢ ، المستدرك على الصّحيحين : ٤ / ٤١٢ ح ٨١٤٥ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٣٧ ح ١٤٣٠ ، سنن الدّارمي : ٢ / ٢٢٧ ح ٢٣٠٢ ، مجمع الزّوائد : ٦ / ٢٥٩ ، السّنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ٢٥٣ ، سنن أبي داود : ٤ / ١٣٢ ح ٤٣٧٣.