أمّا عبد الرّحمن بن عوف ، فقد كان يرى في هذا العدد أقل حلّ يمكن أن يتصور ، من حيث كان أدنى عقوبة عرفها القرآن ، وفي الحديث : «أخف الحدود ثمانون» (١).
وبهذا الطّريق المزدوج ، العقلي ، والنّقلي ، بلغ صحابة النّبي صلىاللهعليهوسلم نفس النّتيجة ، فأخذ قرارهم المشترك كقاعدة ـ قوة القانون.
ونحن نعترف الآن ، بأنّه ـ فيما عدا الإجراءات الإستثنائية الّتي أتبعت ضد (الحرابة) ـ نجد أنّ الضّمير المعاصر قد أجفل فعلا من هذه الإجراءات البالغة القسوة ، والّتي يقصد الإسلام بها أن يعالج بعض الإضطراب في السّلوك الإنساني ، وبعض جرائم القانون العام.
وفي هذا العصر الّذي بلغت فيه رقة مشاعرنا درجة ، نكره معها ـ أكثر فأكثر ـ أن نعرض المجرمين الشّواذ للألم البدني ـ كيف نستطيع أن نتقبل هذه الآلام الرّهيبة الّتي يراد أن يتعرض لها ضعاف الإرادة ، عند ما يزلون في حياتهم الخاصة أو العامة؟ .. كيف نتقبل ذلك دون أن نرتعد؟. وهكذا ضربت مجتمعات إسلامية
__________________
ـ «المعرب». انظر ، الإحكام للآمدي : ٣ / ٣١٧ و : ٤ / ٤٥ و : ٧ / ٤٥٥ ، تفسير القرطبي : ٦ / ٢٩٧ ، المستدرك على الصّحيحين : ٤ / ٤١٧ ، سنن البيهقي الكبرى : ٨ / ٣٢٠ ، سنن الدّارقطني : ٣ / ١٦٦ ، مسند الشّافعي : ١ / ٢٨٦ ، السّنن الكبرى : ٣ / ٢٥٢ ح ٥٢٨٨ ، فتح الباري : ١٢ / ٦٩ ، الثّقات : ٢ / ١٩٩ ، ميزان الإعتدال : ٤ / ٣٥٨ ح ٥٠٨٧ ، سبل السّلام : ٣ / ١٨١ ، المحلى : ١٠ / ٢١١ ، كتاب الأمّ : ٦ / ١٨٠.
(١) انظر ، صحيح مسلم : ٣ / ١٣٣٠ ح ١٧٠٦ ، الخلاف : ٥ / ٤٩٨ ، صحيح ابن حبان : ١٠ / ٣٠٠ ح ٤٤٥٠ ، سنن الدّارمي : ٢ / ٢٣٠ ح ٢٣١١ ، سنن البيهقي الكبرى : ٨ / ٣١٩ ، بحار الأنوار : ٣٠ / ٦٩٩ ، السّنن الكبرى : ٣ / ٢٤٩ ح ٥٢٧٥ ، مسند أحمد : ٣ / ١٧٦ ح ١٢٨٢٨ ، مسند الرّوياني : ٢ / ٣٧٨ ح ١٣٥١ ، فتح الباري : ١٢ / ٦٤ ، تحفة الأحوذي : ٥ / ٢٧.