محمّد». ولكن مؤرخين وفلاسفة كثيرين (١) قد رددوا نفس المقالة ، ولم يتخلصوا من تأثير هذه الأفكار الجارية ، المقتبسة عن أفكار سابقة ، هي في أغلب الأحيان منقولة سماعا.
إنّ أولئك الّذين ألفوا دراسة التّأريخ العربي الإسلامي يدهشون من هذه الطّريقة في تصور الأمور ، ويستطيعون ، على الأقل أن يقولوا : أنّها تستند إلى معطيات مبتورة ، فالصورة الّتي يقدمونها إليهم ، وهم يصفون الشّعب العربي في هذا الضّوء المادي المسرف ـ تبتعد فعلا عن الواقع نهارا جهارا ، حقّ إنّها تتجاهل السّمة الجوهرية لهذا الشّعب ، الّذي عرف في كلّ زمان بزهده ، وقناعته المفرطة ، كما عرف بروحه الأبية ، والشّعرية المتحمسة ، وإنّ ما تقدمه هذه الصّورة من المثالية الإسلامية ، ورؤاها المنزهة ـ لجد قليل.
أمّا نحن ، فلسنا نريد أن نتوقف عند إعتبارات عامة على هذا النّحو ، معتقدين أنّ الفصل في هذه المسألة يقتضي في أبسط حالاته ، وأعدلها ، أن نرجع بها إلى النّص ذاته. والواقع أننا حين نقرأ القرآن ندرك جيدا الطّريقة الّتي يفرض بها تكليفه الأخلاقي ، ونقتنع بأنّ القول الّذي يصدر عنه هذا التّكليف هو أشد تركيبا من أن ينتهي إلى هذه الصّورة الفجة ، الّتي يريد بعض النّاس أن يعطيناها.
بيد أننا لو قمنا قبل ذلك بمقارنة مع بعض نصوص الكتاب المقدس الّذي إستطاع التّراث المسيحي أن يستبقيه لنا ، فإنّ ذلك سوف يكون مفيدا ، إذ يعين
__________________
(١) انظر في ذلك مثلا ، ١ ـ Kant ,critique de la Raison pratique ,p.٠٣١
G. ـ Demombynes, Institution Musulmanes, P. ٢٦ ـ ٣