فالحقّ سبحانه يقول : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) (١).
وأخيرا ترتدي السّعادة المعلنة صفة سلبية شاملة ، في ذلك الخطاب للكافرين : (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) (٢).
أمّا بقية النّصوص فليست وعودا ، ولا إنذارات مباشرة ، ولكنها أنباء تأريخية ، قديمة ، أو معاصرة للوحي ، تفسرها علاقاتها بالأحداث الأخلاقية ، وأكثر النّصوص تلح بخاصة على الجانب العقابي ، أو السّالب من الجزاء. فبلد معين ، أو مجموعة معينة كانت تعيش في بحبوحة ، تجد نفسها في أمن ، ودعة ، حتّى ذلك اليوم الّذي توعدها الله فيه بالرعب ، والمسغبة ، فضربها الله بمصيبة تهلك حرثها ، وثمراتها ، وتنزف منابعها.
وفي بعض الآيات ينسب القرآن هذا البلاء ، وهذا التّحول في المصير ـ إلى نقص الإيمان بالله ، وجحود فضله ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) (٣) ، (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) (٤).
وفي مواضع أخرى يفسر القرآن ذلك التّحول في المصير إمّا لفرط الطّمأنينة الّتي يحس بها النّاس تجاه مستقبلهم (ناسين قدرة الله) ، وفي ذلك يقول سبحانه :
__________________
(١) الزّمر : ١٠.
(٢) هود : ٣.
(٣) النّحل : ١١٢.
(٤) سبأ : ١٧.