نصيب من ثوابها في هذه الحياة ، وعلى جزء آخر (وهو الأفضل) فيما بعد ـ فيما عدا هذا فإنّ الموضع الوحيد الّذي يحتوي في الظّاهر عنصرا ماديا قد جاء على هذا النّحو في قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (١) (ـ ١ ب).
والقول الثّاني في نفس السّورة أقل من هذا تحديدا ـ أعني تضمنا للجانب المادي ، وهو قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (٢).
وفي آية أخرى لا يشتمل التّعبير على معنى وحيد ، إذ قد يكون له تأويل يحمل عليه ، قوله تعالى : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) (٣) ، فقد يكون معناه : (يجد في الأرض حرية ، ورخاء) ، وقد يكون معناه : (يجد في الأرض منجاة من أعدائه ، ويؤدي عمله في أوسع مجال) ، وهذا التّفسير الأخير يتفق مع السّياق : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) (٤).
وإنّا لنلمح نفس الغموض في العبارة الّتي تعد هؤلاء المهاجرين بقوله تعالى : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٥).
وفكرة الخير الموعود في هذه الحياة لأهل الخير هي فكرة أكثر عموما ،
__________________
(١) الطّلاق : ٢ ـ ٣.
(٢) الطّلاق : ٤.
(٣) النّساء : ١٠٠.
(٤) النّساء : ٩٧.
(٥) النّحل : ٤١.