خامسا : وأكثر ما تنبغي ملاحظته تلك العناية الّتي يبديها القرآن ، عند ما يتحدث عن شراب السّماء «فهو ينفي عنه صفة الإغتيال الّتي تتصف بها عادة المشروبات المعروفة في الحياة الدّنيا» ، ويقول القرآن في ذلك إنّ الصّالحين سوف يسقون : (شَراباً طَهُوراً) (١).
ولن تغشّي لذة الكأس على العقل ، لأنّها : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) (٢) ، ولن يصيبهم منها صداع ، ولا وصب : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) (٣) ، ولن يصحبها كذب ، ولا ثرثرة : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً) (٤) ، ولن تؤدي بهم إلى إثمّ ، لأنّها : (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) (٥).
سادسا : نلاحظ نفس الإهتمام بموضوع الأزواج ، الّذي تعد مرات ذكره ـ مع ذلك ـ قليلة نسبيا. فالقرآن لم ترد فيه أية إشارة إلى معاشرة الرّجال للنساء (في الجنّة) ، ليس ذلك فحسب ، بل إنّه ـ بعد أن حدد أنّ النّساء سوف يكن أبكارا (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) (٦) ، وسوف يظللن كذلك أبدا ـ قال : إنّ الحياة معهن ستكون حياة حبّ متبادل ، لأنّهنّ سيكنّ (عُرُباً) (٧) ، وهو حبّ بين شباب من سن واحدة : (وَكَواعِبَ أَتْراباً) (٨).
__________________
(١) الإنسان : ٢١.
(٢) الصّافات : ٤٧.
(٣) الواقعة : ١٩.
(٤) النّبأ : ٣٥.
(٥) الطّور : ٢٣.
(٦) الواقعة : ٣٦.
(٧) الواقعة : ٣٧ ، وهو جمع مفرده (عروب) وهي المرأة المتحبية إلى زوجها. انظر ، لسان العرب : ١ / ٥٩١.
(٨) النّبأ : ٣٣ ـ والكواعب جمع مفرده كاعب ، وكعاب : ناهدة الثّدي. انظر ، لسان العرب : ١ / ٧١٩.