في الطّرقات ، ضاربين عرض الحائط بكلّ قيمة أخلاقية تعارف عليها البشر ، أو دعت إليها الأديان. وأقبل الشّباب على تعاطي سموم المخدرات ، وأرتكاب أبشع الجرائم الجنسية ، والعدوانية ، وعرف النّاس من بين ما عرفوا أنّ فيما تنتج الأرض ما هو أغلى من الذهب ، وأثمن من الماس : الماريجوانا ، والهيروين ، ومشتقاتهما ، وأثمن من ذلك كلّه ، وأغلى أنفس النّاس ، وأخلاقهم المحترقة.
ولعل قائلا يقول : كيف ترى أنّ هناك خرابا ، ونحن لا نشهد إلا تقدما ، وعمرانا في كلّ مجالات الحياة الأوروبية ، والأمريكية؟
والواقع أنّ النّشاط الحضاري في هاتين القارتين قد ركز على الجانب المادي ، الّذي يمنح الحياة متعا أفضل ، من الطّعام ، والشّراب ، والمأوى ، والرّعاية الطّبية ، والخدمات ، وسائر الطّيبات ، حتّى أصبح من هذه النّاحية مثلا أعلى لكلّ تخطيط للنهضة في أي وطن.
أمّا الجانب الأخلاقي فقد تخلف كثيرا ، لدرجة أنّ أحدا لم يعد يتصور أنّ من الممكن تحقيق أدنى تقدم في سبيل إصلاحه ، ولا سيما بعد أن وكل أمر الحياة بكلّ أبعادها إلى حكم العقول الألكترونية ، فهي الّتي تأمر وتنهى ، وتعطي وتمنع!!
لقد أصبحت الحياة أرقاما ، وعلاقات حسابية ، خلوا من أية قيمة إنسانية!!
ومن الممكن قطعا أن نسلم بأنّ حجم المشكلة الأخلاقية على محور الحضارة الغربية قد أصبح أكبر من طاقة مصلحيه ، وقدرتهم على مواجهته ، ربما لأنّ طابع الحضارة الغربية مادي في جوهره ، ومن العسير أن تجد الأخلاق لها مكانا في عالم يقيس كلّ شيء بمعيار مادي ؛ فإنّ الآلات صماء لا تفهم ، ولا