(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) (١).
فالنصوص الّتي تعدد العقاب البدني تبلغ على هذا النّحو (ـ ٧٤ آ و ١٥ ب).
على أننا لا ينبغي أن نعتبر كلّ هذه العقوبات المادية غاية ، بل هي وسيلة لإيلامهم أخلاقيا ، فالغرض الجوهري من الإندحار في هذا المأوى البشع ليس النّار ، بقدر ما هو الخزي الّذي تعنيه : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) (٢).
ومما يزيد في شقائهم أنّهم في هذه الآلام الأخلاقية ، والمادية لن يجدوا من حولهم قلبا عطوفا معزيا ، بل إنّ روابط الصّداقة الّتي كانت لهم في الماضي ، والّتي ستكون قد تقطعت يومئذ ، هذه الرّوابط سيحل في مكانها جوار سيىء لهؤلاء الأصدقاء القدامى أنفسهم ، فلن يكون بينهم منذئذ سوى الخصام : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٣).
والبغض : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (٤).
والتّلاعن : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) (٥) ، (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (٦).
ولقد أردنا بهذا التّصنيف ، وهذه النّصوص المحددة أن نعطي للقارىء إحساسا دقيقا بمنهج التّبليغ الّذي اتبعه القرآن ، وبالنسبة الّتي يمثلها كلّ طريق من طرقه
__________________
(١) الغاشية : ٣ (ـ ١ آ).
(٢) آل عمران : ١٩٢ ، التّوبة : ٦٣ ، هود : ٦٠.
(٣) سورة ص : ٦٤.
(٤) الزّخرف : ٦٧.
(٥) الأعراف : ٣٨.
(٦) العنكبوت : ٢٥.