القرآنية ، بل وربما كان على جانب أكبر من الصّواب ، لأنّ هذا التّعليم يجيء في مواضع كثيرة على أنّه (مَثَلُ) (١) أو رمز (مَثَلُ الْجَنَّةِ ...) (٢).
بيد أنّه ، على الرّغم من أنّ كلمة (مَثَلُ) تعني (الوصف) ، كما تعني (المقارنة) فمن الصّعب أمام كثرة الآيات الأخرى الّتي لا تظهر فيها هذه الكلمة ـ أن نعريها من معناها الحقيقي ، وأن نتناولها على أنّها مجرد رموز. ولا ريب أنّ القرآن ـ فيما يبدو ـ يؤكد لنا أنّ ملذات الجنّة ذات شبه بأحوال الأرض ، وأشيائها ، دون أن يكون بينهما تماثل جوهري ؛ (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) (٣) ، وقد استطاع ابن عباس أن يقول : إنّها ليس لها منها سوى الاسم. ولكن ، إلى أي حدّ سيكونان متمايزين؟ .. أهو تمايز المعقول من المحسوس؟ أو أنّ أشياء الجنّة سوف تحتفظ ببعض التّماثل الطّبيعي مع أشياء الأرض؟
ومع ذلك ، إذا لم يكن الجسد المبعوث سيتقاسم مع النّفس كلّ متعها المشروعة ألّا يكون بعثه عبثا؟ ، والجزاء على كلّ حال ناقصا؟ ..
ذلك أنّه على حين أنّ الجزاء القانوني ، والجزاء الأخلاقي ، بطبيعتهما ، لا يؤثر كلّ منهما مباشرة إلّا على عنصر مختلف من الشّخص (الحاسة ، أو الضّمير) ـ فإنّ ما يميز الجزاء الإلهي هو أنّه يجب أن يكون كليا ، وكاملا ، فطبيعة هذا الجزاء المركبة ليست عيبا ، ولكنها فيما يبدو لنا بعكس ذلك ، شرط في كماله ، من حيث هي متفقة مع تركيب الطّبيعة الإنسانية ، على النّحو الّذي نعرفه اليوم ، ويبدو أنّ
__________________
(١) الرّعد : ٣٥.
(٢) محمد : ١٥.
(٣) البقرة : ٢٥.