ولسوف نحاول من جانبنا أن نستخلص السّبب الحقيقي في هذا التّجاوز ، لدى هؤلاء ، وهؤلاء.
وفي رأينا أنّ جميع الحالات المتجاوز عنها لا تمثل تقييدا يرد على مبدأ النّيّة ، وإنّما هو مجرد اختلاف في فهم الموضوع الّذي تستهدفه قاعدة ، أو أخرى من القواعد العملية. وهذا الإختلاف ينحصر في كلمتين : «العمل» ، و«الكينونة» ، والواقع أنّه طالما كان الأمر أمر نشاط تجب ممارسته ، فإنّ هذا النّشاط لا يمكن أن يكون إلّا إراديا ، ولن تكون له الصّفة الأخلاقية إلّا إذا كانت الإرادة قائمة على الطّابع التّكليفي لهذا النّشاط. فالأخلاقية ، والنّيّة صنوان لا ينفصمان.
فأمّا إذا كان الأمر بالعكس ـ مجرد حالة حدوث ، فهنا لا تهم كثيرا الطّريقة الّتي تحدث بها هذه الحالة ، بل لا ينبغي أن يستثنى من ذلك أن تحدث بوساطة الصّدفة ، أو المعجزة. ومن الواضح في هذه الظّروف أنّ النّتيجة الّتي يحصل عليها بأية وسيلة ، سوف تعفينا مطلقا من تكاليفنا ، حيث كان الواجب أن يكون شيء فحسب ، ولقد كان.
وعلى ذلك فإننا نعتقد أنّ هذه الإستثناءات كلّها تقوم على سبب عميق هو أننا ندرك أحيانا من وراء الواجب الإيجابي الفعّال الّذي يقتضي بالإجماع حركية
__________________
ـ تستلزم نيّة الإستباحة. وخير وسيلة تجمع بين جميع الأقوال : أن يقصد المتيمم التّقرب إلى الله بأمثال الأمر المتعلق بهذا التّيمم ، سواء أتعلق الأمر به ابتداء أم تولد من الأمر بالصّلاة ، ونحوها من غايات التّيمم. انظر ، جامع المقاصد : ١ / ٤٤٨ ، الذّكرى : ٢٥٧ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ١٨٨ ، نهاية الإحكام : ١ / ١٨٥