الإرادة ـ ضرورة أخرى سلبية ، أو منفعلة ، أي واجبا ساكنا (١) (غير حركي) إن صح التّعبير.
ولقد نتصور بعض القوانين على أنّها لا تستوجب فحسب نشاطا من جانبنا ، ولكنها تستوجب كذلك نتيجة ينبغي بلوغها بأي ثمن ، بل وقد لا تستهدف غير هذه النّتيجة. وأمّا مسألة معرفة ما إذا كان هذا القانون ، أو ذاك له فعلا أهداف كهذه ـ فهي مسألة تفاصيل ، تهم أكثر ما تهم حالات التّطبيق ، ونحن لا يعنينا سوى أن نستخرج وجهة النّظر العامّة ، الّتي تحكم كلّ هذه التّرخصات.
وقد ميز علم أصول الشّريعة الإسلاميّة في شرح القانون بين ضربين :
أوّلهما : خطاب تكليف ، وهو الّذي يقوم على فعل شيء ، أو تركه.
وثانيهما : خطاب وضع ، ويراد به وضع الشّروط ، والأسباب ، وبيان حال الصّحة ، وعدمها (٢).
ومن الثّابت في هذا العلم أنّ الأفراد الّذين يعجزون عن أن يكونوا موضع تكليف ليسوا بأقل أهلية لأن تتوجه إليهم الأوامر الوضعية.
ولذلك يفرض في مال الصّبية ، والمجانين ما يفرض في مال الآخرين من أفراد الجماعة ، ومتى ما أديت هذه الفرائض في أوانها أصبحت الشّريعة مستوفاة
__________________
(١) عبارة (حركية الإرادة) هي ترجمة لعبارة [Le dynamisme de la volonte] وعبارة (واجبا ساكنا) ترجمة لعبارة [un devoir statique] وهما متقابلتان. «المعرب».
(٢) انظر في هذا ، الموافقات للشاطبي : ١ / ٢٨٧. (المعرب).
انظر ، نهاية الإحكام للحلي : ٣٨٤ ، مسائل الأفهام للشهيد الثّاني : ١ / ٥١ ، الشّرح الكبير لأبي البركات : ١ / ٦٦ ، مواهب الجليل للحطاب الرّعيني : ١ / ٥٠٥ ، القواعد الفقهية للشيد الأوّل : ١ / ٧٣ ، حاشية الدّسوقي : ١ / ٦٦.