وعلى أي أساس يمكن أن تحارب الدّولة هذا (التّسيب) ...؟
فقط ، على أساس سن تشريعات جديدة تسد ثغرات التّشريعات القائمة!! ولما ذا إذن أفلست هذه التّشريعات القائمة؟؟
هل كان ذلك لنقصها ، والنّقص من صفات البشر؟. إحتمال.
أو لأنّ القائمين على تطبيقها قد لا يعنيهم إنجاحها؟ إحتمال آخر.
وكلا الإحتمالين يشير إلى تخلخل أخلاقي دفين ، فداؤنا في كلّ حال هو داء (التّسيب الأخلاقي) ، ولكن محاولات العلاج ، والإصلاح لا يتولاها عندنا أخلاقيون ، بل رجال شرطة ، يعالجون كلّ جريمة بنفس الوسيلة ، كما يعالج الطّبيب الفاشل كلّ صداع بالأسبيرين :
(اقبض ... اضرب ... اقلب)!! ..
(اقبض على المجرم ووقّفه ... اضربه علقة ، وابسطه ... اقلبه على المحكمة ، والسّجن) وهي إجراءات تتم عادة مع كشف بالسوابق الّتي تصل أحيانا إلى خمسين سابقة ، كلّها تأريخ إفساد إجتماعي ، وترويع للآمنين ، وإستهزاء بالدولة ومؤسساتها الدّستورية ، وإستلاب لحقوق الشّعب ، وهي تزداد مع الأيام كما ، وكيفا. ومع ذلك يدخل هؤلاء المجرمون دور الضّيافة (السّجون) ليتدارسوا ما فاتهم من وسائل الإجرام ، وليخرجوا منها أقدر على الجريمة ، وأكثر تنويعا في أساليبها.
وهكذا يدور الثّور في ساقية شعار (التّسيب).
وهكذا يتمتع المجرمون ، والخونة ، والمرتشون بقدر هائل من الحرية والإنطلاق في ساحة المجتمع على أساس يكفل لهم حرية العمل ، وحرية