أخلاقية ، أو إن كانت كافية لتستوجب المثوبة ، أو العقوبة. فلا ريب مطلقا في أنّ المسئولية الأخلاقية تكون كاملة متى ما اتخذ القرار ، وذلك قوله تعالى :
(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (١).
وحتّى لو أننا رجعنا في قرارنا ، وأخذنا بعكسه تماما ـ فإنّ النّيّة الأولى تكون قد أنتجت آثارها الأخلاقية ، أللهمّ إلّا إذا قابلناها بعزم مضاد.
ولكن المسألة الحقيقية هي أن نعرف إذا ما كان لقرار يتحقق كاملا ، ولقرار آخر حيل بينه ، وبين التّحقق ـ نفس القيمة الأخلاقية تماما؟. ولنترك جانبا الحالة الّتي تكون فيها هذه الحيلولة نتيجة عجز من جانبنا ؛ نتيجة ضعف الجهد ، وقصور العزم.
ومن الواضح في هذه الظّروف ، أنّ النّيّة لا ينبغي أن تعتبر بالقياس إلى الفعل في نفس الدّرجة. ولننظر في الحالة الّتي يفترض فيها أنّ طالبي الأخلاقية يستعملان استعمالا كاملا سببيتهما الإنسانيّة ، وأنّهما لا يهملان أيّة وسيلة في طاقتهما لتحقيق عمل إرادتهما. ولما كان نجاح أحدهما ، وإخفاق الآخر لا يمكن أن يعزى إلّا إلى فرصة خارجية ، مستقلة عن إرادتهما ـ فمن الممكن أن نقر بلا ريب فيما بينهما تماثلا كاملا.
بيد أننا لا نستطيع من ناحية أخرى أن ننكر ما قد تؤدي إليه ممارسة قدرتنا التّنفيذية من قيم إيجابية ، أو سلبية ، في العالم من حولنا ، وفي أنفسنا.
ومهما قلنا : إنّ هذه الممارسة قد حظيت بظروف خارجية ، فإنّ الواقع أمامنا يؤكد : أنّها على الرّغم من أنّها أصبحت ممكنة بفضل الطّبيعة ، فإنّها ما زالت
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.