«كانت» متصلة بنظريته الّتي تقول بإحتمال وجود إرادة إنسانية علوية ، تجري إختيارها خارج الزّمان ، ومن ثمّ لا تستجيب لأي معرفة تجريبية.
بيد أننا ما دمنا في نطاق ما يقبل المعرفة ـ ندرك أنّ الصّعوبات الّتي تثيرها دوافعنا العميقة كثيرة ، وحتّى لو افترضنا أنّ هذه الدّوافع الحقيقية قد كشفت ، فإنّها ليست سهلة المراس بحيث يمكن إقصاؤها ، وشغل مكانها بمجرد صارف من صوارف الفكر ، كيفما أردنا.
بل قد يجوز لنا أن نتساءل : إذا ما كانت النّيّة بعامة يمكن أن تكون موجهة؟ ..
يرى الإمام الغزالي أنّ الإنسان لا سلطان له مباشرة على هذا التّوجيه ، وفي ذلك يقول : «إنّما النّيّة انبعاث النّفس ، وتوجهها ، وميلها إلى ما ظهر لها أنّ فيه غرضها ، إمّا عاجلا ، وإمّا آجلا ، والميل إذا لم يكن لا يمكن اختراعه ، واكتسابه بمجرد الإرادة ، بل ذلك كقول الشّبعان : نويت أن أشتهي الطّعام ، وأميل إليه ، أو قول الفارغ : نويت أن أعشق فلانا ، وأحبّه ، وأعظمه بقلبي ، فذلك محال ، بل لا طريق إلى اكتساب صرف القلب إلى الشّيء ، وميله إليه ، وتوجهه نحوه إلّا باكتساب أسبابه ، وذلك مما قد يقدر عليه ، وقد لا يقدر عليه ، وإنّما تنبعث النّفس إلى الفعل إجابة للغرض الباعث ، الموافق للنفس ، الملائم لها ، وما لم يعتقد
__________________
ـ المشّكملة الأخلاقية في فلسفة سبينوزا ، وفي تأريخ الاسبينوزية ـ وكانت رسالته :
١ ـ Essai sur la formation de la philosophie pratique de Kant.
دراسة في تكوين الفلسفة العملية عند كانت. وقد ترجم إلى الفرنسية : أسس ميتافيزيقا الأخلاق لكانت .. إلخ .. واختير عضوا في أكاديمية العلوم الأخلاقية ، والسّياسية عام ١٩١١ م (انظر ، grand Larousse T.٣) (المعرب).