حرج علينا أن نمتثل لهذا الأمر بموجب الرّحمة لذاتها ، حين يبيح لنا الشّرع ذلك. وكلّ ما يمكن أن يؤخذ على هذا السّعي إلى غايات ذاتية مشروعة هو أنّه ليس فيه من الأخلاقية سوى طابعها السّلبي.
ولكن ، قد يقال لنا : إنّك قسمت غايات الإرادة إلى مجموعتين : موضوعية ، وذاتية ، وبعد أن قصرت القيمة الأخلاقية على الإرادة الّتي يكون هدفها غاية موضوعية ، قسمت الغايات الذاتية إلى مشروعة ، وغير مشروعة ، ومن ثمّ ينتج أنّ أفضل ما ترتضيه لنيّة ذاتية هو أن تكون بريئة ، أو جائزة. أفلا توجد إذن غايات تتصف بكونها ذاتية ، وهي إلى جانب ذلك ذات قيمة بإعتبارها ذاتية؟. وأ لا يقلل هذا دائما من قيمة كلّ منفعة شخصية ، فينحط بها إلى أدنى درجات الأخلاقية ، إن لم يجعلها موضع الإتهام العقيم ، وبحيث لا تستطيع على كلّ حال أن تنشىء دافعا صالحا؟.
أمّا فيما يتعلق بالنفع الحسي ، الّذي لا يتصل بوصفه كذلك بالأخلاقية إلّا من بعيد فإنّي أوافق على أن يوصم بهذا النّقص ، ولكن هنالك أيضا نفعي الأخلاقيّ ، بالمعنى الصّحيح ، فهل ترى أن تحمّله قدر الخير الحسي نفسه ، فتقصيه أيضا من مجال المبادىء المحددة للإرادة على وجه مقبول؟ .. وإذا كنت أهتدي ، حين أقبل على أعمالي الفاضلة ، برغبتي في أن أكتسب الصّفات الرّاسخة لنفسي : طهارة قلبي ، ونور عقلي ، وقوة إرادتي ـ فهل يمكن القول دون تعارض في الحدود بأنّ الإرادة الّتي تسعى إلى خيرها الأخلاقي لا تتحرك بنّيّة أخلاقية حسنة؟.