الورع ، محترمين حروفها بكلّ عناية ، وإن كنّا نتفق على تغيير هدفها ، فنجعلها ظالمة مقيتة ، بعد أن كانت محسنة ذات فضل على النّاس. فذلك هو ما أطلق عليه القرآن ، بمناسبة بعض المصالحات الزّوجية الّتي يلفها سوء النّيّة ـ أنّه : (اتخاذءايت الله هزوا) (١).
وإليك الحالة : فنحن نعلم كم يحاول القرآن بكلّ الوسائل المعقولة أن يبقي على هذا الرّباط المقدس بين الزّوجين ، وأن يوثقه. فهو أوّلا يوصي الرّجال بأن يعاملوا النّساء معاملة إنسانية متى شعروا نحوهن بالنفرة : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (٢).
ثمّ هو ينصح الزّوجات بأن يطعن أزواجهن ، حتّى لو اقتضى ذلك بعض التّنازلات : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) (٣). ثمّ هو أخيرا يدعو الطّرفين ـ في حال عجزهما عن إقرار أمرهما فيما بينهما ـ إلى أن يعرضا النّزاع على التّحكيم ، لدى أعضاء من أسرتيهما ، حتّى يحاولا تحقيق مصالحة بين الزّوجين : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) (٤).
وأكثر من ذلك ، أنّه إذا أخفقت كلّ هذه الجهود المصلحة ، وأصبح الطّلاق أمرا مقررا ـ يمنح القرآن الزّوج مهلة ، يعيد خلالها تدبر الأمر : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُ
__________________
(١) من قوله تعالى في سورة البقرة : ٢٣١ (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً ،) وقد نزلت الآية بسبب مضارة الزّوجات بالإرتجاع ألا ترى بعده زوجا آخر. «المعرب».
(٢) النّساء : ١٩.
(٣) النّساء : ١٢٨.
(٤) النّساء : ٣٥.