بالطريقة الدّقيقة الّتي نقدر بها غالبا مشروعاتنا.
ولا ريب أنّ الأخلاق الإسلامية لا تذهب إلى حدّ أن تتخذ من مفاهيمنا الأخلاقية معيارا وحيدا ، يعفينا من مطابقتها للشريعة الموضوعية في ذاتها ، ولكنا نجد ، من ناحية ، أنّ نيتنا الحسنة يمكن أن تعذرنا في حالة الجهل الّذي لا يدفع ، ومن ناحية أخرى ، حين تتعارض المطابقة الواقعية مع مفهومنا الذاتي ، أعني حين نؤدي عملا نعتقد خطأ أنّه غير مشروع ، فإنّ هذه النّيّة السّيئة تكفي لإدانة سلوكنا ، الّذي هو غاية في الصّواب في الواقع. على ذلك انعقد «الإجماع» ، ولا حاجة بنا إلى مزيد من القول لإثبات تفوق النّيّة على العمل.
وهكذا نجد أنّ الشّرط الأولي للفعل الأخلاقي هو وجود إرادة تشرع في العمل في علاقته بالقاعدة ، وبهذه الصّفة على وجه التّحديد.
ولكن ، إذا كان هذا الإدراك شرطا ضروريا فإنّه ليس الشّرط الكافي لتوفير نيّة حسنة من النّاحية الأخلاقية ، فإنّ هناك ، فوق الإختيار الأخلاقي للموضوع المباشر (وهو العمل) ، إختيار الهدف البعيد (الغاية) وفي هذا الإختيار تتمثل النّيّة الأخلاقية بأخص معانيها.
فما القاعدة الّتي يجب أن تسيطر على هذا الإختيار؟
لقد رأينا كيف استخدم القرآن ، خلال تعليمه الأخلاقي جميع وسائل الإقناع القادرة على أن تكسبه كلّ العقول وقلنا : «إنّ جلال الأمر الإلهي ، ومطابقته للحكمة ، وتوافق موضوعه مع الخير في ذاته ، والرّضا الّذي يمنحه لأشرف المشاعر ، وأرقها ، والقيم الأخلاقية الّتي يؤدي تطبيقه إلى إخفائها على النّفس ،