[باريس Maisonneuve ١٨٧٨ م]. وهو مع ذلك أقل الأعمال التّحليلية في هذا المجال بعدا عن التّمام (١).
ولذلك بدا لنا من الضّروري أن نتناول الموضوع من جديد ، وأن نعالجه تبعا لمنهج أكثر سلامة ، من أجل تصحيح هذه الأخطاء ، وملء هذه الفجوة في المكتبة الاوربية (٢) ، وحتّى نري علماء الغرب الوجه الحقيقي للأخلاق القرآنية ، وذلكم في الواقع هو هدفنا الأساسي من عملنا هذا.
بيد أننا بالرجوع إلى مكتبتنا الإسلامية نفسها ، لاحظنا أنّها لم تعرف حتّى الآن سوى نوعين من التّعاليم الأخلاقية : فهي إمّا نصائح عملية ، هدفها تقويم أخلاق الشّباب ، حين توحي إليهم الإقتناع بالقيمة العليا للفضيلة (٣) ، وإما وصف
__________________
(١) بيد أنّه إلى جانب تكرار الآيات تحت عناوين مترادفة ، وبرغم الأخطاء المختلفة عن ترجمة كازيمرسكي Kasimirski ـ الّتي اضطر جول لابوم أن يستخدمها لجهله بالعربية ـ فإنّ العناوين الّتي أراد بها تلخيص الآيات لا تتفق مع النّصوص الّتي يقلب معناها أحيانا ، ويحس المرء في بعض المواضع أنّ القرآن يدفع النّاس إلى الأنانية ، وإلى الثّأر ، وأنّه قد أباح لهم الغدر ، والخيانة ، والحنث في اليمين ، إلى غير ذلك مما يعيينا حصره ...
(٢) سوف يتبين بعد ذلك أنّ الكتاب قد ملأ هذه الفجوة في المكتبة العربية أيضا ، حين وفق الله إلى تعريبه ، على نحو ما يلمس القارىء. «المعرب».
(٣) نذكر من خير الكتب الّتي من هذا النّوع رسالة ابن حزم «مداواة النّفوس» طبعة أدهم بالقاهرة.
وقد نشر الدّكتور إحسان عباس ثلاثة أجزاء من رسائل أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد ابن حزم الاندلسي الظّاهري المتوفّى سنة (٤٥٦ ه) ، منها : (طوق الحمامة في الألفة والآلاف ، ورسالة في مداواة النّفوس ، ورسالة الغناء الملهي) ، وفصل في معرفة النّفس بغيرها.
وكتاب مداواة النّفوس في تهذيب الأخلاق والزّهد في الرّذائل ، عني بطبعه محمد أفندي هاشم الكتبي بمصر أو دمشق سنة ١٣٢٤ ه ، وقد طبع ثانية بعناية الشيخ عمر المحمصاني على نسخة قديمة ـ