على قدر من الإنتظام ، والثّبات ، في خضوعها «للإرادة الإلهية». ولمّا كانت إرادتنا سيدة نفسها ، من حيث تسيطر على بدنها ، ولكنها نائبة الرّئيس ـ إن صح التّعبير ـ أمام الخالق ـ فإنّ مهمتها أن توفق بين هذين الأمرين بإتباع أحدهما للآخر ، وخيرها يكمن في إلتزامها بدور الوسيط الّذي يعرف قدر نفسه ، وشرّها في أن تقلب هذا النّظام الأصلي ، فتتردى إلى أسفل ، وتكون مسترقّة للشهوات.
ولتيسير هذه المهمة كانت الشّعيرة المقترحة غاية في السّهولة ، نظام غذائي يتّبع ، شهرا في كلّ عام ، وهو نظام ينظم السّاعات ، دون أن يمس كمية الغذاء ، أو كيفيته : فإذا طلع الفجر أمسك الصّائم عن تعاطي أي شيء خلال النّهار ، وبعد مغرب الشّمس يصبح كلّ شيء مباحا. وهذا التّنظيم نفسه ينطبق على العلاقات الجنسية.
وهكذا تتلقى نائبة الرّئيس (أي الإرادة) بمناسبة عمل واحد أمرين متعارضين ، في كلّ يوم مرتين : أحدهما بأن تكف ، والآخر بأن تعمل ، فإذا ما حرصت إرادتنا على القيام بتنفيذ هذين الأمرين في مجالها الخاص ، ومن أن تعيد نفس التّدريب خلال الشّهر؟ .. فيا له من ترويض لهذه الإرادة! ... ذلك أنّه كلما كثرت طاعة المرء أصبح طائعا ، كما أنّه كلما تمرس بالقيادة يصبح قائدا. ومع ذلك إنّ هذا التّدريب لم يكن لكي نتوقف عند الموضوع المادي الّذي يستخدم فيه ، إنّه يستهدف مجموع سلوكنا ، فمن أقبل خلال صومه على كلّ آثم من القول ، أو الفعل ـ لم يستفد من الدّرس ، إذ يكون قد فرض على نفسه تضحيات لا جدوى منها ، حين حرم نفسه من الأكلِ ، والشّرب ، على حين لم