ستكون له بالضرورة إنعكاساته على الإرادة ، التّوقف ، والتّناقص ، والكفاف.
والآيات القرآنية الّتي تأمرنا بأن نجاهد حقّ الجهاد في سبيل المثل الأعلى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (١) ، (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) (٢) ، دون إلتفات لإمكانياتنا ـ هذه الآيات ليس لها من معنى إنساني آخر. فهي حين تعين لنا هذا الهدف الأسمى ، وحين تزكي مطامحنا الأخلاقية إلى غير ما حدّ ـ تحاول في الواقع أن تدفع جهودنا إلى أعلى درجة ممكنة في توترها. ولقد رأينا إلى أي حدّ يحث القرآن النّاس أن ينشدوا الأفضل ، وأن يسابقوا إلى المراتب الأولى. ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يعطينا المفتاح ، ويحركه بهذا الجهاد النّبيل. فهو على حين يأمرنا في نطاق الأشياء المادية أن نقنع بما قسم الله لنا ، ناظرين إلى من هم أدنى منا من إخواننا ، يوصينا في النّطاق الأخلاقي ـ بعكس ذلك ، يوصينا بحرارة أن نسمو دائما بأنظارنا إلى من هم أسمى منا ، وأن نحاول الإقتداء بهم ، وفي ذلك يقول صلىاللهعليهوسلم : «خصلتان ، من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا ، ومن لم تكونا فيه لم يكتبه الله ، لا شاكرا ، ولا صابرا. من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به ، ونظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه ، كتبه الله شاكرا صابرا. ومن نظر في دينه إلى من هو دونه : ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته منها ، لم يكتبه الله شاكرا ، ولا صابرا» (٣).
__________________
(١) آل عمران : ١٠٢.
(٢) الحجّ : ٧٨.
(٣) انظر ، سنن التّرمذي : ٤ / ٦٥٥ ح ٢٥١٢ ، مسند الشّاميين : ٢ / ٣٠٣ ح ١٣٨٧ ، شعب الإيمان : ٤ / ١٣٧ ح ٤٥٧٥ ، الزّهد لابن المبارك : ١ / ٥٠ ح ١٨٠ ، كشف الخفاء : ٢ / ٣٧٣ ح ٢٦٣٧.