كان الجانب الدّيني لا يخالطها دائما إلّا بإعتباره عنصرا واحدا ، في تركيب كبير جدا.
ومع ذلك فهناك نقطة لا يظهر عليها الطّابع الدّيني ويغلب فحسب ، بل إنّه يحتل كلّ مجال الضّمير ، وبهذا يجعل من الممكن ، بل من الضّروري أن يطلق على هذه النّظرية لقب : الأخلاق الدّينية. هذه النّقطة هي «النّيّة» أو جانب القصد ، وفيها ينفرد المعنى الدّيني حقا ، دون منازع.
إنّ الهدف الّذي ينبغي لنشاط المؤمن الطّائع أن يتوخاه وهو يؤدي واجبه لا يكمن في طيبات هذه الدّنيا ، ولا في السّرور ، والمجد في الأخرى ، ولا في إشباع شعوره الخيّر ، بل ولا في إكمال وجوده الباطن ...
إنّه الله ، الله الّذي يجب أن يكون نصب أعيننا ، وأية غاية أخرى تدفع الإنسان للعمل هي في ذاتها انتفاء للقيمة ، وعدم.
ولا مرية في أننا يجب أن نخاف ، وأن نرجو ، وبوسعنا أن ننشد رفاهتنا المادية ، والأخلاقية لذاتها ، أو لأنّ هذا هو واجبنا ، أو حقنا ، ولكن لا لأنّه أجر طاعتنا. فإنّ ذلك لو حدث يكون على الأقل مخالفة للاخلاقية كما علّمناها القرآن ، إن لم يكن انتهاكا ، ونقضا للشريعة.
وإذا كانت السّمة المميزة لنظرية أخلاقية تنبع من المبدأ الّذي تطرحه على الإرادة ، كهدف لنشاطها ، فإننا نرى الآن في أية أسرة يجب أن ننظم الأخلاق القرآنية. ففي نظر هذه الأخلاق ليست اللّذة ، ولا المنفعة ، ولا السّعادة ، ولا الكمال ـ ليست هذه كلّها بقادرة في ذاتها على أن تنشىء هذا المبدأ ، وكلّ ذلك