منه ، فيعود إليها نورها ونضرتها كما كان ، فبقوا عامّة يومهم يسمعون أنين نبيّهم عليهالسلام ، وهو يقول : سيّدي ، قد ترى ضيق مكاني ، وشدة كربي ، فارحم ضعف ركني ، وقلّة حيلتي ، وعجّل بقبض روحي ، ولا تؤخّر إجابة دعوتي ، حتى مات عليهالسلام.
فقال الله عزوجل لجبرئيل عليهالسلام : يا جبرئيل ، أيظن عبادي هؤلاء ، الذين قد غرّهم حلمي ، وأمنوا مكري ، وعبدوا غيري ، وقتلوا رسولي ، أن يقيموا لغضبي ، أو يخرجوا من سلطاني؟ كيف وأنا المنتقم ممّن عصاني ، ولم يخش عقابي ، وإنّي حلفت بعزّتي وجلالي لأجعلنّهم عبرة ونكالا للعالمين. فلم يرعهم (١) وهم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحرة ، فتحيّروا فيها ، وذعروا منها ، وتضام (٢) بعضهم إلى بعض ، ثم صارت الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقّد وأظلّتهم سحابة سوداء ، فألقيت عليهم كالقبة جمرا يلتهب ، فذابت أبدانهم كما يذوب الرّصاص في النار. فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ، ونزول نقمته ، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم» (٣).
ودخلت امرأة مع مولاة لها على أبي عبد الله عليهالسلام ، فقالت : ما تقول في اللّواتي مع اللّواتي؟ قال : «هنّ في النار ، إذا كان يوم القيامة أتي بهنّ ، فألبسن جلبابا من نار ، وخفّين من نار ، وقناعا من نار ، وأدخل في أجوافهنّ وفروجهنّ أعمدة من نار ، وقذف بهنّ في النار».
فقالت : أليس هذا في كتاب الله؟ قال : «بلى» قالت : أين هو؟ قال : «قوله : (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِ) فهن الرسّيّات» (٤).
__________________
(١) الرّوع : الفزع. «لسان العرب ـ روع ـ ج ٨ ، ص ١٣٥».
(٢) تضام القوم : إذا انضم بعضهم إلى بعض. «الصحاح ـ ضمم ـ ج ٥ ، ص ١٩٧٢».
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ١ ، ص ٢٠٥ ، ح ١.
(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٣.