وجلّ ، ولا يحكمون بالآراء والمقاييس ، حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق ، بيان ذلك في قوله : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) أراد في هذه الأمّة الفاضلة ، فأجابه الله ، وجعل له ولغيره من الأنبياء : (لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) وهو علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وذلك قوله : (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)(١).
ثم استقصار النفس في الطاعة ، في قوله : (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ)(٢).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام ، في حديث غيبة إبراهيم ، إلى أن قال : «ثمّ غاب عليهالسلام الغيبة الثانية ، وذلك حين نفاه الطاغوت عن بلده ، فقال : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا)(٣). قال الله تقدّس ذكره : (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)(٤) يعني به علي بن أبي طالب عليهالسلام ، لأنّ إبراهيم عليهالسلام قد كان دعا الله عزوجل أن يجعل له لسان صدق في الآخرين ، فجعل الله تبارك وتعالى له ولإسحاق ويعقوب لسان صدق عليّا ، فأخبر علي بن أبي طالب عليهالسلام أنّ القائم عليهالسلام هو الحادي عشر من ولده ، وأنّه المهديّ الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا ، كما ملئت جورا وظلما ، وأنه تكون له غيبة ، وحيرة ، يضلّ فيها أقوام ، ويهتدي فيها آخرون ، وأنّ هذا كائن كما أنّه مخلوق» (٥).
__________________
(١) مريم : ٥٠.
(٢) معاني الأخبار : ص ١٢٦ ، ح ١.
(٣) مريم : ٤٨.
(٤) مريم : ٤٩ و ٥٠.
(٥) كمال الدين وتمام النعمة : ص ١٣٩ ، ح ٧.